[أحسن من قراءة القرآن .. محاورته.]
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[26 - 11 - 06, 06:03 م]ـ
نقصد بالقراءة الحوارية للقرآن الكريم التناوب في الكلام حقيقة أو تقديرا ... :
فيقرأ آية أو جزءا من آية ثم يرد عليها بكلام قد يكون ملفوظا وقد يكون –وهذا هو الغالب –مقدرا في النفس على هيئة انفعالات وخواطر ... ثم ينتقل إلى الآية الموالية وهكذا ... وتكون الحصيلة حوارية ممتعة:القرآن يسأل والقاريء يجيب ... القرآن يأمر والقاريء يمتثل ....
قال الترمذي:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ وَاقِدٍ أَبُو مُسْلِمٍ السَّعْدِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ الرَّحْمَنِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا فَسَكَتُوا فَقَالَ لَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَى الْجِنِّ لَيْلَةَ الْجِنِّ فَكَانُوا أَحْسَنَ مَرْدُودًا مِنْكُمْ كُنْتُ كُلَّمَا أَتَيْتُ عَلَى قَوْلِهِ
{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
قَالُوا لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ فَلَكَ الْحَمْدُ.
(حديث قال عنه الترمذي غريب وصححه الحاكم و السيوطي)
لقد نوه الرسول صلى الله عليه وسلم بالجن وأثنى عليهم لأنهم ارتقوا من مقام الاستماع إلى مقام الحوار ... فقد ادركوا أن قوله تعالى {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} ليس آية للقراءة فقط ...... بل هي استفهام موجه إليهم وخليق بالاستفهام أن يكون له جواب.
ويستفاد من صيغة التفضيل في قوله صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ مَرْدُودًا ... أن مقام الإنصات والاستماع الذي اتخذه الصحابة -رضوان الله عليهم- حسن لكن أفضل من ذلك ما فعله إخوانهم من الجن ...
و عن حُذَيْفَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَفِي سُجُودِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَمَا أَتَى عَلَى آيَةِ رَحْمَةٍ إِلَّا وَقَفَ وَسَأَلَ وَمَا أَتَى عَلَى آيَةِ عَذَابٍ إِلَّا وَقَفَ وَتَعَوَّذَ.
رب العزة يعد.والنبي يرجو ويسأل.
ثم رب العزة يتوعد. والنبي يخاف ويتعوذ.
فأعظم به من حوار بين رب العالمين و رسوله إلى العالمين.
وفي مسند أحمد أثر عن المحدث الفاروق رضي الله عنه يكشف عن سبب إسلامه إثر حوارية بينه وبين القرآن ... وهو حوار فريد لأن القرآن هو المجيب وعمر ابن الخطاب هوالسائل .. يخطر الخاطر على قلب عمر فيجيب القرآن:
102 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
خَرَجْتُ أَتَعَرَّضُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ أُسْلِمَ فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَى الْمَسْجِدِ فَقُمْتُ خَلْفَهُ فَاسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْحَاقَّةِ فَجَعَلْتُ أَعْجَبُ مِنْ تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ قَالَ فَقُلْتُ هَذَا وَاللَّهِ شَاعِرٌ كَمَا قَالَتْ قُرَيْشٌ قَالَ فَقَرَأَ {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ}
قَالَ قُلْتُ كَاهِنٌ قَالَ {وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ}
إِلَى آخِرِ السُّورَةِ قَالَ فَوَقَعَ الْإِسْلَامُ فِي قَلْبِي كُلَّ مَوْقِعٍ.