16) العزيز؛ {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} [فصلت:41].
17) المجيد؛ {بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ} [البروج:21].
18) الفرقان؛ {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان:1].
19) فيه بصائر؛ {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [الجاثية: 20].
20) وأنه محكم؛ {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف: 4].
21) وأنه مفصّل؛ {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [فصلت:3].
22) وأنه عَجَب؛ {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا} [الجن:1].
23) وأنه بلاغُ؛ {إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ} [الأنبياء:106].
24) وأنه بشير ونذير؛ {بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} [فصلت:4].
25) وأنه بيان وتبيان؛ {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 138]، {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل:89].
أما تكفي هذه الأوصاف لندرك ما الذي نجنيه على أنفسنا بابتعادنا عن القرآن؟!
سلسلة "مبادئ فهم القرآن" (4) – المرحلة الثانية: الأصل في خطاب القرآن أنه موجّه إلى القلب
القلب أمره جلل وهو سرّ من أسرار الله في الأرض كما قال القائل:
للقلب سرّ ليس يعرف قدره ... إلا الذي آتاه للإنسان
ولذا في هذه الشريعة الخاتم جاء التعظيم لشأن هذه الجارحة كثيراً، ولو لم يأت إلا ما ثبت في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" لكان كافياً.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فالمقصود تقوى القلوب لله، وهو عبادتها له وحده دون ما سواه بغاية العبودية له، والعبودية فيها غاية المحبة وغاية الذل والإخلاص، وهذه ملة إبراهيم الخليل، وهذا كله مما يبين أن عبادة القلوب هي الأصل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن في الجسد مضغة ... " الحديث.
ورحم الله ابن القيم إذ يقول في نونيته:
قطع المسافة بالقلوب إليه [أي: إلى الله] لا ... بالسير فوق مقاعد الركبان
وما أشبعَ كلمات أحمد بن خضرويه حين قال: "القلوب أوعية فإذا امتلأت من الحق؛ أظهرت زيادة أنوارها على الجوارح، وإذا امتلأت من الباطل؛ أظهرت زيادة ظلمتها على الجوارح.
وقد وُصفت قراءة الفضيل بن عياض –رحمه الله- فقيل: "كانت قراءته للقرآن قراءةً حزينة شهية مترسلة، كأنه يخاطب إنساناً".
ومما يبين أن القلب هو المخاطب بدءاً بالقرآن أمورٌ منها:
أولاً: أن القرآن نزل أولاً على القلب؛
يقول الله تعالى: {وإنه لتنزيل رب العالمين (192) نزل به الروح الأمين (193) على قلبك لتكون من المنذرين (194) بلسان عربي مبين} [سورة الشعراء].
فقال {عَلَى قَلْبِكَ} ولم يقل على سمعك أو بصرك أو ذهنك ونحو ذلك، بل: {عَلَى قَلْبِكَ}، وهذا ظاهر الدلالة.
ويقول تعالى: {قُلْ مَن كَانَ عَدُواً لِجِبْرِيلَ فَإِنّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} [البقرة:97].
فأول جارحة تخاطب بهذا القرآن هي القلب، فإن أنصت القلب أنصتت تبعاً له بقية الجوارح، وإن أعرض كانت كالرعية بلا راعٍ.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في التحفة العراقية (1/ 42) -بعد كلام له طويل عن أحوال القلب-:
"وهذا الذي ذكرنا مما يبين أن أصل الدين في الحقيقة هو الأمور الباطنة من العلوم والأعمال وأن الأعمال الظاهرة لا تنفع بدونها".
ولذا هُيِّئَ قلب النبي صلى الله عليه وسلم لتلقي القرآن قبل نزوله عليه فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل عليه السلام وهو يلعب مع الغِلمان فأخذه فصرعه فشقّ عن قلبه فاستخرج القلبَ فاستخرج منه علقةً فقال: "هذا حظ الشيطان منكَ ... ". رواه مسلم وللبخاري نحوه.
¥