تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جلي مما سبق أن استخدام إعجاز العدد دارج عند أهل العلم، من بغداد المشرق إلى أندلس المغرب إلى مصر والحجاز مع تفاوت في العصور والأزمنة؛ مما يوحي بعدم التواطؤ والتلقي، ولو استقصينا وتتبعنا لوجدنا الكثير الكثير من مثل هذا، لكن "حسب اللبيب الإشارة" ولله الحمد والمنة.

فالإنسان ذو ميل طبيعي لكل وجه معجز وغريب، كما أن الناس ترتبط بأرقام معينة بعفوية أو عن قصد، وخير دليل على هذا العربُ أصحابُ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؛ فلكم نجد أحاديث "ثلاثية" السؤال أو الجواب، كحديث أبي عمرو الشيباني عن عبد الله بن مسعود في الصحيحين: " أن رجلا سأل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها، وبر الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله"، وفي لفظ شعبة عن ابن مسعود: "ثم أي، ثم أي" في الموضعين.

وفي الروايتين دلالتين على أن العرب تكتفي بالثالث من الأعداد طبعًا، وأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكفي السائل بثلاثة من الأجوبة فقهًا.

وفي حديث آخر عن ابن مسعود: "قال رجل: يا رسول الله أي الذنب أكبر عند الله؟ قال: أن تدعو لله ندا وهو خلقك، قال: ثم أي؟ قال: ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قال: ثم أي؟ قال: ثم أن تزاني بحليلة جارك ... ".

وفي جامع الترمذي عن ابن هريرة: "سئل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أي الأعمال أفضل؟ أو أي الأعمال خير؟ قال: إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم أي شيء؟ قال: الجهاد سنام العمل، قيل: ثم أي شيء يا رسول الله؟ قال: ثم حج مبرور".

وفي المسند عن أبي ذر: "سألت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: المسجد الحرام، قلت: ثم أي؟ قال: ثم المسجد الأقصى، قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة، قلت: ثم أي؟ قال: ثم حيثما أدركت الصلاة فصل فكلها مسجد".

وفي صحيح الترمذي وغيره عن أبي قتادة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: " خير الخيل الأدهم الأقرح الأرثم، ثم الأقرح المحجل طُلُق اليمين، فإن لميكن أدهم فكُميت على هذه الشِّية".

وحديث أبي هريرة المتفق عليه قال: "قال رجل: يا رسول الله من أحق بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك؛ قال: ثم من؟ قال أبوك".

وفي المسند وغيره عن أنس أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: "حبب إلي من الدنيا النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة".

قال تعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا}؛ فلا عبث البتة في شرع الله، وكلُّ بقدر مقدور، ولكل شاردة أو واردة سبب وعلة وحكمة، عقلنا ذلك أم لا. والله أعلم.

ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[21 - 07 - 08, 11:44 ص]ـ

لله - وحده – الحمد والمنة، وصلى الله على رسول هذه الأمة، وبعد:

أنه من أدلة الاستئناس وليس بدليل مستقل

وفي الحديث المشهور عن أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قال: " يغسل الإناءإذا ولغ فيه الكلب سبع مرات أولاهن أو أُخراهن بالتراب" اللفظ للترمذي.

تعلق بهذا الحديث أحكام غزيرة عزيزة، وتنازع أهل العلم في غسل الإناء؛ أواجب هو أو مستحب؟ كما اختلفوا في علة الغسل النجاسة أو التعبد؟

يقول أبو الوليد ابن رشد الغرناطي الأندلسي في بداية المجتهد ونهاية المقتصد (1/ 29): "فاختلف العلماء في تأويل هذه الآثار ووجه جمعها مع القياس المذكور؛ فذهب مالك في الأمر بإراقة سؤر الكلب وغسل الإناء منه، إلى أن ذلك عبادة غير معللة، وأن الماء الذي يلغُ فيه ليس بنجس، ولم ير إراقة ما عدا الماء من الأشياء التي يلغ فيها الكلب في المشهور عنه، وذلك كما قلنا لمعارضة ذلك القياس له، ولأنه ظن أيضا أنه إن فهم منه أن الكلب نجس العين عارضه ظاهر الكتاب وهو قوله تعالى {فكلوا مما أمسكن عليكم} يريد أنه لو كان نجس العين لنجس الصيد بمماسته، وأيد هذا التأويل بما جاء في غسله من العدد والنجاسات ليس يشترط في غسلها العدد فقال: إن هذا الغسل إنما هو عبادة، ولم يعرج على سائر تلك الآثار لضعفها عنده"

العلماء – رحمهم الله – على تضلعهم في الفقه وخبرتهم باللغة وتصاريفها واطلاعهم على العلل والمناطات ونكت التأويل لم يجدوا غضاضة في الاستعانة بالموافقات العددية لإنهاض الحجة وتقويتها.

"قال القاضي [ابن رشد الحفيد]: وقد ذهب جدي رحمة الله عليه [ابن رشد الجد] في كتاب المقدمات إلى أن هذا الحديث معلل معقول المعنى ليس من سبب النجاسة، بل من سبب ما يتوقع أن يكون الكلب الذي ولغ في الإناء كلِبا، فيُخاف من ذلك السم. قال: ولذلك جاء هذا العدد الذي هو السبع في غسله، فإن هذا العدد قد استعمل في الشرع في مواضع كثيرة في العلاج والمداواة من الأمراض، وهذا الذي قال رحمه الله هو وجه حسن على طريقة المالكية، فإنه إذا قلنا إن ذلك الماء غير نجس، فالأولى أن يعطى علة في غسله من أن يقول إنه غير معلل ... " اهـ.

ولننظر أحاديث "السبعة" الطبية التي عناها ابن رشد رحمه الله من خلال كلام ابن حجر عن الحديث المذكور في الفتح: " ... وأن الحكمة في الأمر بغسله من جهة الطب لأن الشارع اعتبر السبع في مواضع منه، كقوله: "صبوا علي من سبع قرب وقوله: "من تصبح بسبع تمرات عجوة" اهـ.

وفي الموطأ وغيره: "عن عثمان بن أبي العاص أنه أتى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قال عثمان وبي وجع قد كاد يهلكني، قال فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: امسحه بيمينك سبع مرات وقل أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد، قال: فقلت ذلك فأذهب الله ما كان بي، فلم أزل آمر بها أهلي وغيرهم".

قال في المنتقى: "وقدخص النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هذا العدد في غير ما موضع".

هل من ناقِض أو مبرِم، مقيّم أو مقوِّم؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير