تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي السياق ذاته يعبر العلامة الأديب سيد قطب رحمه الله عن الجمال فيقول: (جمال الاستمتاع بمنظرها فارهة رائعة صحيحة سمينة، وفي الخيل والبغال والحمير تلبية للضرورة في الركوب وتلبية لحاسة الجمال في الزينة (لتركبوها وزينة). وهذه اللفتة لها قيمتها في بيان نظرة القرآن ونظرة الإسلام للحياة، فالجمال عنصر أصيل في هذه النظرة، وليست النعمة هي مجرد تلبية الضرورات من طعام وشراب وركوب خيل، بل تلبية الأشواق الزائدة على الضرورات، تلبية حاسة الجمال ووجدان الفرح والشعور الإنساني المرتفع على ميل الحيوان وحاجة الحيوان) (6) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn5)

وهنا إضافة بلاغية هامة: (وتقديم الإراحة على التسريح لأن الجمال عند الإراحة أقوى وأبهج، لأنها تقبل حينئذ ملأى البطون حافلة الضروع مرحة بمسرة الشبع ومحبة الرجوع إلى منازلها من معاطن ومرابض) (7) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn6)

المبحث الثاني/ في آفاق الجمال

وفي تعليق القرطبي على هذه الآية يقول: (قال علماؤنا: الجمال يكون في الصورة وتركيب الخلقة، ويكون في الأخلاق الباطنة، ويكون في الأفعال. فأما جمال الخلقة: فهو أمر يدركه البصر ويلقيه إلى القلب متلائمًا، فتتعلق به النفس من غير معرفة بوجه ذلك ولا نسبته لأحد من البشر، وأما جمال الأخلاق: فكونها على الصفات المحمودة، من العلم والحكمة، وكظم الغيظ، وإرادة الخير لكل أحد، وأما جمال الأفعال: فهو وجودها ملائمة لمصالح الخلق، وقاضية لجلب المنافع فيهم وصرف الشر عنهم) (8) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn7)

(http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn8)

(http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn8)

(http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn8)

المطلب الثاني/ مقارنة بين (جمال!) الجاهلية و (جمال) الإسلام:

المبحث الأول/ الجمال في نظر الجاهليين

إن تقدير العرب للجمال قبل الإسلام كان معكوسًا على الأشياء المادية الحسية مثل جمال المرأة والبعير والفرس والأطلال، وفي هذا السياق يقول الدكتور شوقي ضيف في (العصر الجاهلي): (ونراهم يقفون عند المرأة فيصفون جسدها، ولا يكادون يتركون شيئًا فيها دون وصف لها، إذ يتعرضون لجبينها وخدها وعنقها وصدرها وعينها وفمها وريقها ومعصمها وساقها وثديها وشعرها، كما يتعرضون لثيابها وزينتها وحليها وطيبها وحيائها وعفتها ..... ولذا ترى المنخّل اليشكري يقول قصيدة يبين للقارئ ما قد أشرنا إليه، فهو القائل في عشيقته:

ولقد دخلت على الفتا ةِ الخدرَ في اليوم المطيرِ

الكاعبِ الحسناءِ ترْ فل في الدِّمَقس وفي الحريرِ

فدفعتها فتدافعت مشيَ القطاة إلى الغديرِ

ولثمتها فتنفَّست كتنفس الظبي البهيرِ (9) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn8)

فدنت وقالت يا مُنَـ ـخَّل ما بجسمك من حرورِ

ما شفَّ جسمي غير حبِّـ ـكِ فاهدئي عني وسيري

ووقف الشعراء طويلا يصورون حبهم للمرأة، وما يذرفون من دموعهم على شاكلة قول بشر بن أبي خازم:

فظللتَ من فرط الصبابة والهوى طرِفًا (10) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn10) مثلَ فعل الأيهم (11) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn11)

ومثال آخر يوضح اهتمامهم بوصف حيوانات البادية من وصف امرئ القيس للظباء أو الآرام، حيث يقول في معلقته:

ترى بعر الآرام في عَرَصَاتها (12) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn12) وقيعانها كأنه حبُّ فُلفُلِ (13) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn13)

المبحث الثاني/ الجمال تحت مجهر الإسلام

أما الإسلام فقد جاء ليلفت الأذهان والقلوب والعقول جميعًا إلى الجمال الحقيقي، وليس معيار الجمال في الإسلام بهاء الصورة وحسن الطلعة والتناسق بين أعضاء الجسم، وليس منطلقه الرائحة الطيبة تنبعث من صاحبها، إنه الدين الذي لا يغفل الفطرة، بل يذكيها وينميها ويحض أهله ومتبعيه على أن يعملوا وفق الدلالات الدعوية المباشرة، ولهذا فليس غريبًا أن نقرأ أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرجِّل شعره ويغسل ثوبه ويهذِّب شكل عمته إذا وضعها حتى يبدو مظهره العام على أفضل شكل وأحسن طلعة، وكذا كان سائر الصحابة رضوان الله عليهم سوى من زهد منهم في الدنيا على وجه الإطلاق من أمثال أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، وكان عليه السلام يقول: " حبب إلىّ من دنياكم ثلاث: النساء والطيب وجعلت قرة عيني

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير