فأجاب: لا، لأن الشافعي كان صوفياً. آه، الشافعي كان صوفياً ومعدود في الرسالة القشيرية وغيرها من الصوفية وأتباعه كلهم من الصوفية: الإمام الغزالي حجة الإسلام من الصوفية، والإمام القشيري من الصوفية، وأبو الحسن الشاذلي من الصوفية، وعز الدين بن عبد السلام من الصوفية، وابن دقيق العيد كان مالكياً وشافعياً من الصوفية، وابن حجر العسقلاني كان من الصوفية، وابن حجر الهيتمي كان من الصوفية، والإمام الرملي كان من الصوفية، والإمام النووي له ورد وكان من الصوفية، هو في حج شافعي ماهواش صوفي!، وأنا من الصوفية " اهـ
قلت: أما كون الشافعي صوفياً فغير صحيح، ولكنه صحب الصوفية يسيراً ثم تبين انحرافهم عن الهدي النبوي كما هو بين في كلامه عليهم.
ودعوى أن جميع أصحابه صوفية دعوى باطلة لا دليل عليها: فالمزني لم يكن صوفياً، والبويطي لم يكن صوفياً، وابن عبد الحكم لم يكن صوفياً، والربيع لم يكن صوفياً، وابن خزيمة لم يكن صوفياً، وأبو إسحاق الإسفرائيني لم يكن صوفياً، وأحمد بن صالح المصري كذلك ومثلهم: ابن سريج، وابن أبي حاتم وأبوه، وابن نصر المروزي، وأبو داود، وعثمان بن سعيد الدرامي، وأبو بكر الإسماعيلي، وابن مجاهد المقرئ، وأبو منصور الأزهري، والدارقطني، والذهبي، وابن كثير .. وخلق لا يحصون كثرة.
وأما المذكورون جميعاً فمن جملة المتأخرين، وأكثرهم لا يعتد بخالفهم في المذهب ولا بوفاقهم والله تعالى أعلم.
- مجموع الفتاوى، تحقيق عبد الرحمن بن محمد بن قاسم النجدي وابنه محمد، ج: 10، ص: 370.
- للتوسع في معرفة عقائد الصوفية وأرائهم وأقوال العلماء فيهم راجع:
- الاستقامة، لشيخ الإسلام ابن تيمية.
- تلبيس إبليس، لأبي الفرج ابن الجوزي.
- التعرف لمذهب أهل التصوف، للكلاباذي.
- هذه هي الصوفية، للشيخ عبد الرحمن الوكيل.
- فضائح الصوفية، له أيضاً.
- التصوف، لإحسان إلهي ظهير.
- مصرع التصوف، لبرهان الدين البقاعي.
ففي ذلك غنية، والله الموفق.
- قال ابن القيم في إغاثة اللهفان (1/ 229):" هو شعر يزهد في الدنيا بغنى به مغن فيضرب بعض الحاضرين بقضيب على نطع أو مخدة على توقيع غنائه " اهـ
وقال في نفس الصحيفة بتواتر ذلك القول عن الشافعي. فانظر رعاك الله مقالة الشافعي في قوم يطقطقون بالقضيب على أثر سماعهم شعر الزهد وتأمل حق التأمل ما ينبغي أن يقال في حال أولئك الصوفية في زماننا الذين أولعوا بأشعار الغزل والوصال والقطيعة وذكر القد والنهد والغدائر والشعور والخدود والسيقان .. بالضرب على الدف والطبل وغيره ... ثم أخبرني ما ينبغي أن يقال فيهم!
- تلبيس إبليس، أبو الفرج ابن الجوزي، دار الكتاب العربي، ص: 282. قال ابن الجوزي: حدثنا اسماعيل بن أحمد نا أحمد بن أحمد الحداد نا أبو نعيم الأصفهاني ثنا محمد بن عبد الرحمن ثنا احمد بن محمد بن الحارث ثنا محمد بن إبراهيم بن جياد ثنا الحسن بن عبد العزيز الحروي قال سمعت محمد بن إدريس الشافعي ... ثم ساقه.
وقال بعد ذلك: " وقد كان رؤساء أصحاب الشافعي رضي الله عنهم ينكرون السماع وأما قدماؤهم فلا يعرف بينهم خلال وأما أكابر المتأخرين فعلى الانكار منهم أبو الطيب الطبري وله في ذم الغناء والمنع كتاب مصنف حدثنا به عنه أبو القاسم الحريري ومنهم القاضي أبو بكر محمد بن مظفر الشامي أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك الانماطي عنه قال لا يجوز الغناء ولا سماعه ولا الضرب بالقضيب قال ومن أضاف الى الشافعي هذا فقد كذب عليه وقد نص الشافعي في كتاب أدب القضاء على أن الرجل إذا دام على سماع الغناء ردت شهادته وبطلت عدالته.
قال المصنف رحمه الله: قلت: فهذا قول علماء الشافعية وأهل التدين منهم وإنما رخص في ذلك من متأخريهم من قل علمه وغلبه هواه وقال الفقهاء من أصحابنا لا تقبل شهادة المغني والرقاص والله الموفق "اهـ
وقد شدد علماء الأمة القدماء والمحدثين النكير على أولئك الصوفية فيما أحدثوه من الغناء والسماع فقال أبو الطيب الطبري:" هذه الطائفة مخالفة لجماعة المسلمين لأنهم جعلوا الغناء دينا وطاعة ورأيت إعلانه في المساجد والجوامع وسائر البقاع الشريفة والمشاهد الكريمة "اهـ
وقال الطرطوشي الفقيه المالكي صاحب الحوادث والبدع:" مذهب الصوفية هذا بطالة وجهالة وضلالة وما الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأما الرقص والتواجد فأول من أحدثه أصحاب السامري لما اتخذ لهم عجلا جسدا له خوار فأتوا يرقصون حوله ويتواجدون وهو - أي الرقص - دين الكفار وعباد العجل وإنما كان مجلس النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كأنما على رءوسهم الطير من الوقار فينبغي للسلطان ونوابه أن يمنعهم من الحضور في المساجد وغيرها ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحضر معهم ولا يعينهم على باطل هذا مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم من أئمة المسلمين "اهـ
وقال القرطبي:" وأما ما أبتدعه الصوفية في ذلك فمن قبيل ما لا يختلف في تحريمه لكن النفوس الشهوانية غلبت على كثير ممن ينسب إلى الخير حتى لقد ظهرت في كثير منهم فعلات المجانين والصبيان حتى رقصوا بحركات متطابقة وتقطيعات متلاحقة وانتهى التواقع بقوم منهم إلى أن جعلوها من باب القرب وصالح الأعمال وأن ذلك يثمر سني الأحوال وهذا على التحقيق من آثار الزندقة وقول أهل المخرقة والله تعالى المستعان " اهـ
وقد توسع ابن القيم رحمه الله في الرد عليهم في مسألة السماع هذه في أكثر من كتاب من ذلك كتابه إغاثة اللهفان (1/ 237 – 258)، وكتابه مدارج السالكين (1/ 483 – 503) من طبعة الشيخ محمد حامد الفقي.
- مجموع الفتاوى، ج: 11، ص: 570.
- تلبيس إبليس، ص: 356.
- وقد وقعت (حقاق) و (حقاف) و (خراف) بدلاً من (خفاف) فليتنبه! والأولى جمع (حقة) بكسر الحاء، والثانية جمع حقف وهو معروف ومنه سميت السورة الكريمة بالأحقاف والأخيرة جمع خروف الحيوان المعروف وهذا الجمع لعلك لا تجده في غير ذلك الموضع والله أعلم.
¥