ولَعَلَّ إدراك السّبب في تقديم بعض الكلمات على بعض في بعض الآيات, أو تأخيرها -كما في هَذِهِ الآية, والآيات الَّتِي سبقتها- يعود إلى ضرورة معرفة المناسبات بين الآيات, والرّوابط بين الكلمات والعبارات الَّتِي تردُ فيها، يقول الزّركشيّ: «وَاعْلَمْ أَنَّ المناسبة علم شريف, تحرَزُ به العقول, ويُعرف به قدر القائل فيما يقول ... ولهَذَا قيل المناسبة أمر معقول، إِذَا عرض على العقول تلقّته بالقبول ... ومرجعها -والله أعلم- إلى معنىً ما رابط بينهما عامّ أو خاصّ, عقليّ أو حسّيّ أو خياليّ, وغير ذَلِكَ من أنواع العلاقات أو التّلازم الذهنيّ, كالسّبب والمسبّب, والعلّة والمعلول, والنّظيرين والضّدّين, ونحوه؛ أو التّلازم الخارجيّ, كالمرتّب على ترتيب الوجود الواقع في باب الخبر، وفائدته جعل أجزاء الكلام بعضها آخذاً بأعناق بعض, فيقوى بِذَلِكَ الارتباط, ويصير التَّألِيف حاله حال البناء المحكم المتلائم الأجزاء» [43].
والله من وراء القصد، والله أعلم، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين
[1] سورة النساء، الآية 162.
[2] سِيْبَوَيْهِ، عمرو بن عثمان، الكتاب، تحـ. عبد السّلام هارون، ج2، دار القلم، القاهرة، 1966م، ص58.
[3] العُكْبَرِيّ، أبو البقاء، إملاء ما منّ به الرحمن من وجوه الإعراب والقِرَاءَات، ج1، ص202.
[4] الحَلَبِيّ، أحمد بن يوسف، الدّرّ المصون في علوم الكتاب المكنون، ج4، ص153.
[5] الزَّمَخْشَرِيّ، محمود بن عمر، الكشّاف، ج1، ص623.
[6] سِيْبَوَيْهِ، عمرو بن عثمان، الكتاب (دار القلم)، ج2، ص57.
[7] هو غيّاث بن غوث بن الصّلت بن طارقة بن عمرو، أبو مالك (-90هـ)، شاعر أمويّ، مِنْ بني تغلب، مِنْ شعراء النّقائض، وهو أحد الثَّلاثَة المُتَّفق على أنّهم أشعرُ أهل عصرهم (جرير، والفرزدق، والأخطل)، له ديوان شعر. الزّركليّ، خير الدِّين، الأعلام، ج5، ص123.
[8] البيتان في "الكتاب". سِيْبَوَيْهِ، عمرو بن عثمان، الكتاب (دار القلم)، ج2، ص56.
والنواجذ: أقصى الأضراس، وباسل: شجاع، وذكر: شديد، والغمر: الماء الكثير، والميمون طائرُهُ: الَّذِي يُتَبَرَُّّك فيه. وهما في ديوانه. الأخطل، غيّاث بن غوث، الدِّيوان، ص167 - 169.
[9] سِيْبَوَيْهِ، عمرو بن عثمان، الكتاب (دار القلم)، ج2، ص58.
[10] سورة البقرة، الآية 177.
[11] سيبوبه, عمرو بن عثمان, الكتاب (دار القلم) , ج2, ص58.
[12] سورة النساء، الآية 162.
[13] نمير: قبيلة من بني عامر, وغاويها: مغويها؛ أي باعثها على الغيّ، والظّاعنون: المسافرون.
ونسب سِيْبَوَيْهِ البيتين لابن خيَّاط العُكْليّ. سِيْبَوَيْهِ, عمرو بن عثمان، الكتاب (دار القلم) , ج2, ص59.
والبيتانِ في الخزانة، ونسبهما البغداديّ إلى ابن حمّاط العُكليّ. البغداديّ، عبد القادر بن عمر، خزانة الأدب ولبّ لباب لسان العرب، ج5، ص42.
[14] شيخ زادة، محيي الدِّين، حاشية شيخ زادة على تفسير القاضي البيضاوي, ضبطه وصحّحه محمّد عبد القادر شاهين, ج3, ط1, دار الكتب العلمِيَّة, بيروت-لبنان, 1419هـ-1999, ص448.
[15] أَبُو حَيَّان, أثير الدِّين, البحر المحيط, ج3, ص558.
[16] هي الخِرْنِق بنت بدر بن هفَّان بن مالك، من بني ضبيعة، البكريّة العدنانيّة (-50ق. هـ)، شاعرة من الشّهيرات في الجاهليّة، أخت طرفة بن العبد لأمّه، لها ديوان شعر صغير. الزّركليّ، خير الدِّين، الأعلام، ج2، ص303.
[17] يبعدن: يهلكن, وسمّ العداة: قاهر الأعداء, والآفة: العاهة المهلكة, والجُزْر: من الإبل ما عدّ للذبح للضيفان، والمعترك: موضع الاقتتال, ومعاقد الأرز: كناية عن العفّة.
والبيتانِ للخِرْنِق بن هفَّان، والبيت الثَّانِي في رواية ديوانها بتحقيق يسري عبد الغنيّ عبد الله، بنصب "النّازلين"، ورفع "الطّيّبونَ". الخِرْنِق, بنت هفّان, الدِّيوان, تحـ. يسري عبد الغني عبد الله, ط1, دار الكتب العلمِيَّة, بيروت, 1991م, ص43.
وفي ديوانها بتحقيق الدُّكْتُور حسين نصّار، برفع "النّازلونَ" و"الطّيّبونَ". الخِرْنِق, بنت هفّان, الدِّيوان, تحـ. حسين نصّار، دار الكتب المَصْرِيَّة، القاهرة، 1389هـ-1969م، ص10 - 12.
¥