التجويد سنة متبعة، وأنا لا أنكره أبدا، بل أدعو إليه، لكن الذي أناقشه هنا هو إطلاق الإثم على من ترك التجويد من العامة، وإبطال صلاتهم لذلك؟
فنحن بهذا ندعوهم لأحد أمرين:
إما للتعلم وهذا قد يطول أو قد تضعف هممهم لانشغالهم وتفريط الكثير منهم - هداهم الله.
وإما ندعوا الناس لترك تلاوة القرآن العظيم، أو الرهبة منه ... مع أن القرآن أنزله الله ليتدبر وليعمل به ... هذا هو هدف الكتاب العظيم
ولو أن أهل القرآن - جزاهم الله خيرا - صرفوا الهمم أكثر إلى تعليم الناس تدبر القرآن والعمل به لكان ذلك مقدما على سواه من الأمور ...
ومع ذلك أؤكد أن علم التجويد مهم جدا، وتعلمه مهم جدا بل من حفظ الله لكتابه أن حفظ للناس تجويده، ونقله للناس كما تُلي أول مرة ...
وانظر إلى هذه الفتاوى القيمة لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - التي تدل على التوازن:
سئل: هل من يلحن في الفاتحة تصح صلاته أم لا؟
فأجاب:
أما اللحن في الفاتحة الذي لا يحيل المعني، فتصح صلاة صاحبه، إمامًا أو منفردًا، مثل: أن يقول: {رب العالمين} و {الضالين} ونحو ذلك.
وأما ما قرئ به مثل: الحمد الله ربَّ، وربِّ، وربُّ. ومثل الحمد الله، والحمد الله، بضم اللام، أو بكسر الدال. ومثل عليهِمُ، وعليهم، وعليهُمُ، وأمثال ذلك، فهذا لا يعد لحنًا.
وأما اللحن الذي يحيل المعني: إذا علم صاحبه معناه مثل أن يقول: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ}، وهو يعلم أن هذا ضمير المتكلم، لا تصح صلاته. وإن لم يعلم أنه يحيل المعني واعتقد أن هذا ضمير المخاطب، ففيه نزاع. والله أعلم.
فما أجمل هذه الضوابط بل هذه الجواهر في سورة الفاتحة، وقارن بينه وبين غيره ...
وَسُئِلَ:
عَمَّنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَمَا عِنْدَهُ أَحَدٌ يَسْأَلُهُ عَنْ اللَّحْنِ إلَخْ؟ وَإِذَا وَقَفَ عَلَى شَيْءٍ يَطَّلِعُ فِي الْمُصْحَفِ هَلْ يَلْحَقُهُ إثْمٌ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ:
إنْ احْتَاجَ إلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ قَرَأَهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَرَجَعَ إلَى الْمُصْحَفِ فِيمَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ وَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا وَلَا يَتْرُكُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَيَنْتَهِي بِهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ لِأَجْلِ مَا يَعْرِضُ مِنْ الْغَلَطِ أَحْيَانًا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَفْسَدَةٌ رَاجِحَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَسُئِلَ:
عَمَّا إذَا نَصَبَ الْمَخْفُوضَ فِي صَلَاتِهِ؟
فَأَجَابَ:
إنْ كَانَ عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ فِي صَلَاتِهِ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلْ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ.
مسألة: في رجل إمام بلد وليس هو من أهل العدالة وفي البلد رجل آخر يكره الصلاة خلفه فهل تصح صلاته خلفه أم لا؟ وإذا لم يصل خلفه وترك الصلاة مع الجماعة هل يأثم بذلك؟ والذي يكره الصلاة خلفه يعتقد أنه لا يصحح الفاتحة وفي البلد من هو أقرأ منه وأفقه
الجواب: رحمه الله - الحمد لله أما كونه لا يصحح الفاتحة فهذا بعيد جدا فإن عامة الخلق من العامة والخاصة يقرأون الفاتحة قراءة تجزئ بها الصلاة فإن اللحن الخفي واللحن الذي لا يحيل المعنى لا يبطل الصلاة
وفي الفاتحة قراءات كثيرة قد قرئ بها فلو قرأ: {عليهم} و: {عليهم} أو قرأ: {الصراط} و: {الصراط} و {الصراط} فهذه قراءات مشهورة
ولو قرأ: {الحمد لله} و: {الحمد لله} أو قرأ: {رب العالمين} أو: {رب العالمين} أو قرأ بالكسر ونحو ذلك لكانت قراءات قد قرئ بها وتصح الصلاة خلف من قرأ بها ولو قرأ: {رب العالمين} بالضم أو قرأ: {مالك يوم الدين} بالفتح لكان هذا لحنا لا يحيل المعنى ولا يبطل الصلاة
وإن كان إماما راتبا وفي البلد من هو أقرأ منه صلى خلفه فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال: [لا يؤمن الرجل في سلطانه] وإن كان متظاهرا بالفسق وليس هناك من يقيم الجماعة غيره صلى خلفه أيضا ولم يترك الجماعة وإن تركها فهو آثم مخالف للكتاب والسنة ولما كان عليه السلف ا. هـ
فقارن بين هذا وبين ما نقلته سابقا ... ترى بونا شاسعا ...
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين
ـ[المتولى]ــــــــ[19 - 08 - 09, 05:07 م]ـ
¥