تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الوجه الرابع: ان البشارة باسحاق كانت معجزة؛ لان العجوز عقيم؛ ولهذا قال الخليل ـ عليه السلام: {ابشرتموني على ان مسني الكبر فبم تبشرون} [الحجر: 54]، وقالت امراته:} االد وانا عجوز وهذا بعلي شيخا} [هود: 72]، وقد سبق ان البشارة باسحاق في حال الكبر، وكانت البشارة مشتركة بين ابراهيم وامراته.

واما البشارة بالذبيح، فكانت لابراهيم ـ عليه السلام ـ وامتحن بذبحه دون الام المبشرة به، وهذا مما يوافق ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه في الصحيح وغيره: من ان اسماعيل لما ولدته هاجر غارت سارة، فذهب ابراهيم /باسماعيل وامه الى مكة، وهناك امر بالذبح. وهذا مما يؤيد ان هذا الذبيح دون ذلك.

ومما يدل على ان الذبيح ليس هو اسحاق، ان الله تعالى قال: {فبشرناها باسحق ومن وراء اسحق يعقوب} [هود: 71]، فكيف يامر بعد ذلك بذبحه؟ والبشارة بيعقوب تقتضى ان اسحاق يعيش ويولد له يعقوب، ولا خلاف بين الناس ان قصة الذبيح كانت قبل ولادة يعقوب، بل يعقوب انما ولد بعد موت ابراهيم ـ عليه السلام ـ وقصة الذبيح كانت في حياة ابراهيم بلا ريب.

ومما يدل على ذلك: ان قصة الذبيح كانت بمكة، والنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما فتح مكة كان قرنا الكبش في الكعبة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للسادن: (اني امرك ان تخمر قرني الكبش فانه لا ينبغي ان يكون في القبلة ما يلهي المصلي).

ولهذا جعلت مني محلا للنسك من عهد ابراهيم واسماعيل عليهما السلام، وهما اللذان بنيا البيت بنص القران.

ولم ينقل احد ان اسحاق ذهب الى مكة، لا من اهل الكتاب، ولا غيرهم، لكن بعض المؤمنين من اهل الكتاب يزعمون ان قصة الذبح كانت بالشام، فهذا افتراء. فان هذا لو كان ببعض جبال الشام لعرف ذلك / الجبل، وربما جعل منسكا كما جعل المسجد الذي بناه ابراهيم وما حوله من المشاعر.

وفي المسالة دلائل اخرى على ما ذكرناه، واسئلة اوردها طائفة؛ كابن جرير، والقاضي ابي يعلى، والسهيلي، ولكن لا يتسع هذا الموضع لذكرها والجواب عنها، والله ـ عز وجل ـ اعلم ".

مجموع التاوى ج 4

ـ[أحمد الأقطش]ــــــــ[23 - 10 - 09, 12:14 ص]ـ

هذا القولُ صريحٌ في أنَّ السلفَ إنما نقلوه عن أهل الكتاب، فإنَّ أقدمَ ما رُوي في هذه المسألة كان عن كعب الأحبار:

قال ابن جرير الطبري في تفسيره (الصافات 107): حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب: أن عمرو بن أبي سفيان بن أسيد بن حارثة الثقفي أخبره: أن كعباً قال لأبي هريرة: ((ألا أخبرك عن إسحاق بن إبراهيم النبيّ؟)) قال أبو هريرة: بلى. قال كعب:

((لما رأى إبراهيمُ ذبحَ إسحاق، قال الشيطان: والله لئن لم أفتن عند هذا آل إبراهيم لا أفِتن أحداً منهم أبداً، فتمثل الشيطان لهم رجلاً يعرفونه، فأقبل حتى إذا خرج إبراهيم بإسحاق ليذبحه دخل على سارَة امرأة إبراهيم، فقال لها: أي أصبح إبراهيم غادياً بإسحاق، قالت سارَة: غدا لبعض حاجته، قال الشيطان: لا والله ما لذلك غدا به، قالت سارَة: فلم غدا به؟ قال: غدا به ليذبحه قالت سارَة: ليس من ذلك شيء، لم يكن ليذبح ابنه قال الشيطان: بلى والله قالت سارَة: فلِمَ يذبحه؟ قال: زعم أن ربه أمره بذلك قالت سارَة: فهذا أحسن بأن يطيع ربه إن كان أمره بذلك.

فخرج الشيطان من عند سارَة حتى أدرك إسحاق وهو يمشي على إثر أبيه، فقال: أين أصبح أبوك غادياً بك؟ قال: غدا بي لبعض حاجته، قال الشيطان: لا والله ما غدا بك لبعض حاجته، ولكن غدا بك ليذبحك، قال إسحاق: ما كان أبي ليذبحني قال: بلى قال: لِمَ؟ قال: زعم أن ربه أمره بذلك قال إسحاق: فوالله لئن أمره بذلك ليطيعنَّه، قال: فتركه الشيطان وأسرع إلى إبراهيم، فقال: أين أصبحت غادياً بابنك؟ قال: غدوت به لبعض حاجتي، قال: أما والله ما غدوت به إلا لتذبحه، قال: لمَ أذبحه؟ قال: زعمتَ أن ربك أمرك بذلك قال: الله فوالله لئن كان أمرني بذلك ربي لأفعلنّ.

قال: فلما أخذ إبراهيم إسحاق ليذبحه وسَلَّم إسحاق، أعفاه الله وفداه بذبح عظيم، قال إبراهيم لإسحاق: قم أي بنيّ، فإن الله قد أعفاك. وأوحى الله إلى إسحاق: إني قد أعطيتك دعوة أستجيب لك فيها قال إسحاق: اللهمّ إني أدعوك أن تستجيب لي، أيما عبد لقيك من الأوّلين والآخرين لا يُشرك بك شيئاً، فأدخله الجنة)). اهـ

قال ابن كثير في قصّة الذبيح في البداية والنهاية (1/ 183): ((وقد قال بأنه إسحاق طائفةٌ كثيرة مِن السلف وغيرهم، وإنما أخذوه والله أعلم مِن كعب الأحبار أو صحف أهل الكتاب. وليس في ذلك حديثٌ صحيحٌ عن المعصوم حتَّى نترك لأجله ظاهرَ الكتاب العزيز. ولا يُفهَم هذا مِن القرآن، بل المفهوم بل المنطوق بل النصّ عند التأمُّل على أنه إسماعيل)). اهـ

فآلَ القولُ إلى كعب، وسقط الاحتجاج بنقل السلف في هذه المسألة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير