وعن ابن عمر: «غلب عمر بن الخطاب رضي الله عنه البكاء في صلاة الصبح حتى سمعت نحيبه من وراء ثلاثة صفوف»
وعن الحسن رضي الله عنه: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمر بالآية من ورده بالليل فيبكي حتى يسقط ويبقى في البيت حتى يعاد للمرض.
وعن عائشة رضي الله عنها: كان أبو بكر رضي الله عنه رجلا بكاء لا يملك دمعه إذا قرأ القرآن.
وقال ابن عباس رضي الله عنه: لم أر رجلا يجد من القشعريرة ما يجد عبد الرحمن بن عوف عند القراءة.
حدثنا إسحاق، أخبرنا وكيع، عن حمزة الزيات، عن حمران بن أعين، أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: {إن لدينا أنكالا وجحيما، وطعاما ذا غصة} فصعق.
ورأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه راهبا، فبكى وقال: ذكرت قول الله: {عاملة ناصبة، تصلى نارا حامية} فذاك أبكاني.
وقال عاصم الأحول عن صفوان بن محرز رحمه الله: كان إذا قرأ {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} بكى حتى أقول قد اندق قضيض زوره.
وعن الأعمش رحمه الله قال: أقيمت الصلاة فلم يدعو أبا صالح حتى قدموه، فافتتح سورة يوسف حتى بلغ حيث صنعوا بيوسف عليه السلام ما صنعوا، فوقع عليه البكاء فلم يستطع أن يجاوز حتى ركع.
وكان عمرو بن عتبة: لا يتطوع في المسجد فصلى مرة العشاء ثم جاء منزله فقام يصلي حتى إذا بلغ {وأنذرهم يوم الآزفة} بكى، ثم سقط، فمكث ما شاء ثم أفاق، فقرأ وأنذرهم يوم الآزفة فبكى، ثم سقط فلم يزل كذلك حتى أصبح، ما صلى ولا ركع.
وقال مالك: قرأت في التوراة: يا ابن آدم لا تعجز أن تقوم بين يدي في صلاتك باكيا، فإني أنا الذي اقتربت لقلبك وبالغيب رأيت نوري، قال مالك: يعني تلك الرقة وتلك الفتوح التي يفتح له بقرب الله منه»
وقال سفيان: كان منصور بن المعتمر رحمه الله: «قد عمش من البكاء، وربما رأيته يصلي ههنا وأضلاعه تختلف فزعموا أنه صام سنتين وقامهما، وكانت له أم ولد، فقال: لا يمنعنك مكاني فتزوجي إن أردت ذاك، قال: ولو رأيت منصورا يصلي لقلت يموت للساعة»
وقرأ زرارة بن أوفى وهو يؤم في المسجد الأعظم {فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير، على الكافرين غير يسير} فخر ميتا. «قال بهز بن حكيم رحمه الله: فكنت فيمن احتمله حتى أتينا به داره».
وقرأ قارئ على مروان المحلمي القرآن فخر مغشيا عليه.
وقال صفوان بن محرز: كان لداود النبي عليه السلام يوم يتأوه فيه يقول: «أوه من عذاب الله قبل لا أوه» فذكرها صفوان يوما فغلبه البكاء حتى قام.
«وعن كعب في قول الله إن إبراهيم لأواه، قال: كان إبراهيم عليه السلام إذا ذكر النار قال: أوه من النار أوه.
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل يقال له: ذو البجادين: «إنه أواه، وذلك أنه كان يكثر ذكر الله بالقرآن والدعاء»
وقال معاوية بن قرة رحمه الله: «من يدلني على رجل بكاء بالليل بسام بالنهار»
واشتكى ثابت البناني عينه، فقال له الطبيب: اضمن لي خصلة تبرأ عينك؛ لا تبكي، قال: «وما خير في عين لا تبكي»
وقال ثوبان رحمه الله: «طوبى لمن ملك لسانه، ووسعه بيته، وبكى على خطيئته»
وعن يزيد بن ميسرة رحمه الله: «البكاء من سبعة أشياء: من الفرح، والجنون، والوجع، والفزع، والرياء، والسكر، وبكاء من خشية الله، فذاك الذي تطفي الدمعة منه أمثال البحور من النار»
وصلى خليد فقرأ: {كل نفس ذائقة الموت} فرددها مرارا، فناداه مناد من ناحية البيت: كم تردد هذه الآية؟ فلقد قتلت بها أربعة نفر من الجن لم يرفعوا رءوسهم إلى السماء حتى ماتوا من تردادك هذه الآية، فوله خليد بعد ذلك ولها شديدا حتى أنكره أهله، كأنه ليس الذي كان «وسمع آخر قارئا يقرأ: ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق فصرخ واضطرب حتى مات.
وسمع آخر قارئا يقرأ: {قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة} فمات لأن مرارته تفطرت
وقيل لفضيل بن عياض رحمه الله: ما سبب موت ابنك؟ قال: بات يتلو القرآن في محرابه فأصبح ميتا.
التبيان في آداب حملة القرآن النووي رحمه الله - (ص 86)
[فصل] في البكاء عند قراءة القرآن قد تقدم في الفصلين المتقدمين بيان ما يحمل على البكاء في حال القراءة وهو صفة العارفين وشعار عباد الله الصالحين.
¥