4 - الحديث الذي ذكره له وقد تقدم الكلام عليه. وظاهر أن ابن عدي لم يقنع بشئ من هذه الأمور الثلاثة الأخيرة وارتضى قول يحيى بن معين في رواية ابن أبي مريم عنه حيث قال: ضعيف إلا أنه يكتب حديثه، فتبع يحيى بن معين في مقولته، بل ونقل عبارته فختم الترجمة بقوله: مع ضعفه يكتب حديثه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 154 ›
(1) أنظر للكلام على قبول رواية المبتدع كتاب (فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي) للحافظ السيد أحمد بن الصديق الغماري رحمه تعالى، ففيه فوائد ومناقشات قد لا توجد في غيره.
(2) السلام على آل البيت دأب كثير من المتقدمين خاصة المحدثين وقد ذكرت في كتابي بشارة المؤمن بتصحيح حديث اتقوا فراسة المؤمن بعض النقول في ذلك وهي غيض من فيض فلا تلتفت لتشغيب النواصب ومن تأثر بهم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رفع المنارة - محمود سعيد ممدوح - ص 159 - 167
وكون ابن عدي لم يقنع بالأمور الثلاثة هو الصواب، فإن تضعيف أحمد والثوري وهشيم راجع لحكاية التدليس التي لا تصح لانفراد محمد بن السائب الكلبي بها وحاله معروف في الضعف، وقول الجوزجاني قد فرغنا منه، والحديث المذكور لا يعد قدحا في الرجل وإن تضعيفه بسبب هذا الحديث يعتبر تعنت مرفوض، فلم يبق إلا اعتماده كلام يحيى بن معين فهو تابع أو قل مقلد إن شئت.
وإذا علم ذلك فإن هذه الرواية في عطية العوفي التي اعتمد عليها ابن عدي وهي رواية ابن أبي مريم مرجوحة أمام الروايات الأخرى عن ابن معين التي وثقت عطية العوفي. وإذا كان ما اعتمد عليه ابن عدي مرجوحا، فقوله كذلك فتدبر، والله أعلم بالصواب.
* * *
فصل:
وبعد أن تبين لك حقيقة الجرح الذي جاء في عطية العوفي وأنه لا يضر الرجل ولا يوهن أمره لأنه عند المحاققة جرح لا يلتفت إليه ولا يعمل به، وجب بيان صدق الرجل وعدالته وعمل الأئمة بحديثه واحتجاجهم به في الأحكام وتخريجهم له على الأبواب.
فالرجل قد وثقه وعدله وقبل حديثه جماعة والصواب معهم، فمن هؤلاء ابن سعد حيث قال في (الطبقات الكبرى) (6/ 304): وكان ثقة إن شاء الله وله أحاديث صالحة ومن الناس من لا يحتج به. ا ه*
وقد حاول صاحب (الكشف والتبيين) رد هذا التوثيق، فقال في رسالته المذكورة (ص 39) ما نصه: ومثل هذا التوثيق لا يعارض تضافر الأئمة على تضعيفه كما سبق تفصيله وبخاصة أن ابن سعد مادته من الواقدي في الغالب، والواقدي ليس بمعتمد كما قال الحافظ ابن حجر في هدي الساري (ص 417)، وانظر (ص 443، 447) منه. ا ه*.
قلت: لو قبل كل جرح صدر عن إمام أو غيره لانسد باب الرواية تماما، فلا تجد راويا قد خلا من الجرح، ولكن الحاذق هو الذي يعرف ما ينبغي أن يعد جرحا فيقبله وإلا فلا، والذين جرحوا عطية جرحهم راجع إلى التدليس أو التشيع أو إنكار بعض ما روي، وقد علمت أن الأولى لا تعتمد إلا على محمد بن السائب الكلبي التالف المتهم بالكذب، والتشيع لا يعد جرحا، وما أنكر عليه تقدم أن الصواب مع عطية والقول قوله.
أما عن اعتماد ابن سعد على الواقدي غالبا فهو ما صرح به الحافظ، لكن هذا ليس على إطلاقه، فإذا رأيت ابن سعد ترجم للرجل ترجمة عارف بأحواله وبحديثه وبكلام الناس فيه فلا مدخل عند ذلك للواقدي، هذه واحدة.
والثانية: إن كلام ابن سعد هو كلام مدني في عراقي وقد كان بينهما ما كان، وهو ما علل به الحافظ في مقدمة الفتح (ص 443) سبب عدم قبول كلام ابن سعد فقال: ابن سعد يقلد الواقدي، والواقدي على طريقة أهل المدينة في الانحراف على أهل العراق فاعلم ذلك ترشد إن شاء الله تعالى. ا ه*.
وعليه فإذا وجدت لابن سعد جرحا في عراقي فلا بد من الحذر والتأني في قبوله، أما إذا وثق ابن سعد عراقيا كوفيا فلا بد من العض عليه بالنواجذ فإن شهادة الخصم هي من أقوى الشهادات.
ثم قول ابن سعد: (كان ثقة إن شاء الله تعالى وله أحاديث صالحة ومن الناس من لا يحتج به) يفيد أشياء:
1 - توثيقه لعطية العوفي.
2 - إن عطية العوفي له أحاديث صالحة مقبولة.
¥