تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - إن مما يؤكد توثيقه وسبره لحاله أنه رأى بعضهم لم يحتج به فأعرض عنهم ورجح توثيقه مما يبين لك أنه لم يقنع بقولهم - وهو المتحامل على الكوفة - ولم يقف عنده لما ظهر له من أنه ليس جرحا في الحقيقة، ولو كان جرحا لرد حديثه وصرح بعدم توثيقه.

والحاصل أن توثيق ابن سعد لعطية العوفي مقبول ولا بد، والله أعلم.

* * *

فصل:

أما إمام الجرح والتعديل يحيى بن معين، فقد وثقه ونقل عنه ذلك عدة مرات، ففي سؤالات الدوري (2/ 407): قيل ليحيى كيف حديث عطية؟ قال: صالح (1).

وفيه أيضا سألت يحيى عن عطية وعن أبي نضرة فقال: أبو نضرة أحب إلى. ا ه* وهذا النص توثيق منه لعطية، لأن أبا نضرة ثقة عند يحيى بن معين كما في (التهذيب) فهو في حقيقته مقارنة بين ثقتين.

وقال ابن أبي خيثمة: قيل لابن معين عطية مثل أبي الوداك؟ قال: لا، قيل: فمثل أبي هارون قال: أبو الوداك ثقة ما له ولأبي هارون. ا ه* كذا في التهذيب (2/ 60)

فانظر إلى ارتضاء ابن معين لمقارنته بأبي الوداك الثقة، فهو توثيق منه لعطية العوفي.

ونظائره كثيرة جدا في كتب الجرح والتعديل في المقارنة بين الثقات، فيحيى بن معين يحب عطية العوفي، وأبو نضرة أحب إليه. فتدبر.

وقال يحيى بن معين في رواية أبي خالد الدقاق (ص 27): عطية العوفي ليس به بأس. ا ه*.

قلت: هذا توثيق من إمام الجرح والتعديل لعطية العوفي، وقد صرح يحيى بن معين أن من قال فيه: لا بأس به فهو ثقة، وهذه حكاية عن نفسه ونص من عنده ولا اجتهاد مع وجود النص. وتجد هذا النص عن ابن معين في كتب شتى منها ثقات ابن شاهين (ص 270)، ومقدمة ابن الصلاح، وفي مقدمة اللسان (1/ 13).

وقال ابن الجنيد عن ابن معين: هو وعمرو بن أبي قيس لا بأس بهما قلت: ثقتان، قال: ثقتان. ا ه*. كذا في التهذيب (6/ 207) وهو ظاهر في ترادف اللفظين. فهو اصطلاح خاص بيحيى بن معين ولا مشاحة فيه.

قال صاحب (الكشف والتبيين) (ص 38): قال ابن معين: (ليس به بأس)، أو " لا بأس به " لا يفهم منه - مجردا - التوثيق أو التجريح إذ غالب من قال فيهم مثل ذلك هم ثقات، لكن الأمر ليس على إطلاقه، فقد وردت عنه قوله: " لا بأس به "، أو " ليس به بأس "، في أناس ضعفاء. وانظر أمثلة على ذلك في ميزان الاعتدال (1/ 341، 435)، والجرح والتعديل (3/ 11)، وتهذيب التهذيب (1/ 93). ا ه*.

قلت: هذا الكلام فيه نظر من وجوه:

الأول: إن ابن معين قد صرح كما تقدم بأن " لا بأس به " عنده معناه أن الرجل ثقة، فلا ينبغي بعد ذلك تقويله ما لم يقله.

الثاني: إذا قال ابن معين في الرجل " لا بأس به " وكان ضعيفا فهذا لا يضره، فكم انفرد ابن معين بتوثيق رجال ضعفهم غيره، وهذا ليس شأن يحيى بن معين فقط، ولكنه شأن سائر أئمة الجرح والتعديل تجد في ترجمة الراوي المضعف توثيقا لأحدهم وانفرادا منهم. وإذا كان التوثيق لا يعني معناه فمعنى ذلك أن علم الجرح والتعديل قد سقط كلية وأصبحت نصوصه جوفاء لا تنطبق على أفرادها، وأن الألفاظ لا تعتبر قوالب للمعاني!!

الثالث: قوله: " قد ورد عنه قوله لا بأس به أوليس به بأس في أناس ضعفاء ".

قلت: ضعفاء عند غيره ولكنهم ثقات عنده فكان ماذا؟، ولآخر أن يعارضه بقوله: ورد عنه قوله ثقة في أناس ضعفاء وهذا كثير، فكان ماذا أيضا؟ فكل ناقد مجتهد له نظره وقوله.

الرابع: ثم ذكر أربعة أمثلة لتأييد مقولته المردودة، فهاك الكلام عليها:

المثال الأول: بكار. بن محمد بن عبد الله بن محمد بن سيرين السيريني (الميزان 1/ 34) قال عنه يحيى بن معين: كتبت عنه، ليس به بأس، وضعفه غيره. وهذا المثال لا يفيد الدعوى شيئا ولا يفيد تضعيف ابن معين للرجل كيف وهو يقول كتبت عنه، فهو من شيوخه، وكونه ضعيفا عند غيره لا يلزم منه أن يكون ضعيفا عنده أو ضعيفا في نفس الأمر فاللازم باطل، والرجل أدرى بشيوخه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير