والثالثة: فهم إمام من الأئمة الحذاق وهو الحافظ ابن القطان السجلماسي الفهم الصحيح لكلمة ابن معين فقال: (كما في نصب الراية: 4/ 68): عطية العوفي مضعف، وقال ابن معين فيه: صالح. فالحديث به حسن. ا ه*. فانظر إلى تحسينه لحديث عطية العوفي اعتمادا على قول ابن معين: صالح. وهذا حافظ آخر من المتأخرين هو الهيثمي إذ اعتمد توثيق ابن معين كما في مجمع الزوائد (7/ 314)، كما حسن لعطية العوفي في المجمع أيضا (10/ 371
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رفع المنارة - محمود سعيد ممدوح - ص 167 - 175
وقد تلقف الشيخ بشير السهسواني في " صيانة الإنسان " (ص 100) هذه الكلمة عن يحيى بن معين فنسب لعطية العوفي الألفاظ الشديدة جدا التي قيلت في أبي هارون العبدي، ثم تناقض فقال: المختار عندي قول أبي حاتم: ضعيف يكتب حديثه فإنه أعدل الأقوال وأصوبها. ا ه* وما درى السهسواني رحمه الله تعالى أن لأبي حاتم الرازي قولا آخر يفيد توثيق عطية العوفي سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
ومنهم ابن شاهين:
وقد أدخل عطية العوفي في الثقات (ص 172) فهو من موثقيه.
فإن قيل: قد ذكره أيضا في الضعفاء فقال: ضعفه أحمد ويحيى.
قلت: التوثيق هو الراجح لما قد علمت مما سبق من اعتماد أحمد على رواية محمد بن السائب الكلبي، وهي رواية تالفة لا يعتمد عليها في جرح عطية العوفي، وأن يحيى بن معين من موثقيه كما تقدم.
ومنهم أبو بكر البزار:
فإنه قال كما في " التهذيب " (7/ 226): كان يعده في التشيع، " روى عنه جلة الناس "، وهذه صيغة تعديل تعادل قولهم صالح الحديث، مقارب الحديث، ونحو ذلك كما يعلم من قواعد الحديث.
ورغم وضوح هذا القول من البزار وكونه موجودا في كتاب متداول مشهور كالتهذيب، فلم أجد أحدا مما سعى في تضعيف هذا الحديث تعرض لذكر قول أبي بكر البزار المفيد تعديل عطية العوفي، فالحمد لله تعالى على توفيقه.
ومنهم أبو حاتم الرازي:
فقد قال ابن أبي حاتم: سئل أبي عن نضرة وعطية، فقال: أبو نضرة أحب إلى.
وهذا في حقيقته مقارنة بين ثقتين فإن أبا نضرة المنذر بن مالك العبدي ثقة.
ومنهم يحيى بن سعيد القطان:
فقد قال عن جبر بن نوف أبي الوداك كما في " التهذيب " (2/ 60) هو أحب إلى من عطية. ا ه*.
قلت: هذه أيضا مقارنة بين ثقتين.
ومنهم ابن خزيمة:
فإنه أخرج الحديث في صحيحه: قال البوصيري في " مصباح الزجاجة " (1/ 98): رواه ابن خزيمة في صحيحه من طريق فضيل بن مرزوق فهو صحيح عنده. ا ه*.
قلت: فمقتضى تصحيح الحديث توثيق رجاله ومنهم عطية العوفي.
وهذا لم يرق لصاحب " الكشف والتبيين " (ص 64، 65) فوجه سهامه لصحيح ابن خزيمة، فنقل عن الحافظ ابن حجر في النكت كلاما (1/ 270)، (1/ 290 - 291) حاصله في الآتي:
1 - أن ابن خزيمة كان لا يفرق بين الصحيح والحسن، فليس كل ما عنده صحيحا بل فيه الحسن المدرج في الصحيح.
2 - قال الحافظ: حكم الأحاديث التي في كتاب ابن خزيمة. . صلاحية الاحتجاج بها لكونها دائرة بين الصحيح والحسن ما لم يظهر في بعضها علة قادحة. ا ه*.
قلت: يؤخذ من كلام الحافظ أن أحاديث ابن خزيمة على قسمين:
1 - صحيح أو حسن.
2 - ما ظهر فيه علة قادحة وهو قليل جدا.
ولكن هذا في نظر غيره وليس في نظر إمام الأئمة ابن خزيمة الذي سمى كتابه " المسند الصحيح المتصل بنقل العدل عن العدل من غير قطع في المسند ولا جرح في النقلة ".
ثم إذا كانت الأنظار تتفاوت في الحكم على الرجال، فالمقصود هو إثبات أن تصحيح ابن خزيمة لهذا الحديث هو توثيق لرجاله، ومنهم عطية العوفي فهو ثقة عند ابن خزيمة والله أعلم.
ومنهم الإمام أبو عيسى الترمذي:
فإنه حسن له عدة أحاديث من أفراده، بل حسن له عدة أحاديث انفرد بها فضيل بن مرزوق عن عطية العوفي - كما في الحديث الذي نحن بصدد الكلام عليه - انظرها في " تحفة الأشراف "، ومقتضى ذلك أن يكون صدوقا عند الترمذي كما صرح بذلك الحافظ في " تعجيل المنفعة " (ص 153).
¥