وقد أعلّه بجهالة أبي ثفال ورباح: ابنُ القطان -في بيان الوهم (3/ 314) -، وزاد إعلاله بجهالة جدة رباح، قال: " وفي إسناد هذا الكلام ثلاثة مجاهيل الأحوال:
أوَّلهم: جدة رباح، فإنها لا تعرف بغير هذا، ولا يُعرف لها اسم ولا حال، وغاية ما تعرفنا بهذا أنها ابنةٌ لسعيد بن زيد -رضي الله عنه-،
والثاني: رباح المذكور، فإنه مجهول الحال كذلك، ولم يعرف ابن أبي حاتم من حاله بأكثر مما أخذ من هذا الإسناد: من روايته عن جدته، ورواية أبي ثفال عنه،
والثالث: أبو ثفال المذكور، فإنه أيضًا مجهول الحال كذلك، وهو أشهرهم؛ لرواية جماعةٍ عنه، منهم: عبد الرحمن بن حرملة وسليمان بن بلال وصدقة مولى الزبير والدراوردي والحسن بن أبي جعفر وعبد الله بن عبد العزيز، قاله أبو حاتم، فاعلم ذلك " ا. هـ.
وقد سُبِقَ ابنُ القطان إلى تجهيل جدة رباح، فقال أبو عبيد القاسم بن سلام -في الطهور (ص66)، وسبق نقل طرف من كلامه-: " فأما الحديثان الأولان، فقد كان بعض أهل الحديث يطعن في إسنادهما؛ لوجود المرأة المجهولة في الأول ... "، ولم يُشر المؤلف إلى كلام أبي عبيد هذا.
وقد ردَّ الحافظ ابن حجر -فيما نقله المؤلف- تجهيل جدة رباح، بأن اسمها معروف، وأنها مذكورة في الصحابة.
إلا أن ذِكْرها في الصحابة هو اعتمادٌ على الوجه الثاني من هذا الحديث، وسبق أنه مرجوح عن عبد الرحمن بن حرملة.
وأما قول ابن حجر -بعد ذلك-: " وإن لم يثبت لها صحبة، فمثلها لا يُسأل عن حالها "، فلا أدري ما وجهه!
وتجهيل أبي عبيد لها -بيانًا لسبب تضعيف بعض أهل الحديث لهذا الحديث- دليلٌ على أن تجهيلها قديم عند الأئمة.
فالراجح أنها تابعية مجهولة أيضًا -كما قال أبو عبيد وابن القطان-.
وقد حاول الحافظ مغلطاي -في شرح ابن ماجه (1/ 251، 252) - نفي جهالة الحال عن رباح وجدّته، إلا أنه لم يأتِ بما يرتفع به ذلك.
فالحديث اجتمع فيه ثلاثة مجاهيل، وأنكره العلماء على أبي ثفال -على جهالته- بتفرده به عن رباح، فإلى الضعف الشديد ما هو، ونصَّ ابن القطان على أنه " ضعيف جدًّا ".
ويؤيده ما ذكره الحافظ مغلطاي في تفسير قول البخاري: " في حديثه نظر "، قال -في شرح ابن ماجه (1/ 252)، بعد أن نقل ذلك-: " والبخاري إذا قال ذلك يكون غير محتمل عنده ".
لذا، فقد قال الإمام أحمد لما سئل عن الحديث -كما في ضعفاء العقيلي (1/ 177) -: " لا يثبت "، وسبق نقل كلمة البخاري في أن في هذا الحديث -حديث أبي ثفال- نظرًا عنده، وقال أبو حاتم وأبو زرعة: " ليس عندنا بذاك الصحيح "، وقال البزار -وسبق-: " هذا الخبر من جهة النقل لا يثبت "، وضعفه ابن حبان -كما سبق أيضًا-.
وما هذه حاله من الأحاديث لا يعتبر به، خاصة أن أحمد والبزار والعقيلي وغيرهم ضعفوا أحاديث الباب جميعها مع وقوفهم عليه -ويأتي ذلك قريبًا-.
وأما اعتبار البخاري هذا الحديث أحسن أحاديث الباب، فله اعتباره، وهو أحسن عنده من حديث أبي سعيد الخدري، لأنه أنكر أحاديث ربيح بن عبد الرحمن راويه، وأما هنا؛ فلم يعرف اسم أبي ثفال -كما نقل عنه الترمذي في العلل الكبير (ص32 - ترتيبه) -، وذكر أن في حديثه عن رباح نظرًا.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[18 - 11 - 07, 05:10 ص]ـ
11 - ذكر المؤلف (ص28) حديث سهل بن سعد، فذكر رواية عبد المهيمن بن عباس بن سهل عن أبيه عن جده، وبيَّن ضعفها الشديد، ثم ذكر أن أخاه أبيًّا تابعه عن أبيهما عباس، وذكر أن أبيًّا أخف ضعفًا من أخيه عبد المهيمن، ونقل في ذلك عن الأئمة.
إلا أن رواية أبيّ معلولة لا تصح، وعلّتها رواية عبد المهيمن ذاتها!
فالحديث رواه الحافظ دحيم عبد الرحمن بن إبراهيم عن ابن أبي فديك عن عبد المهيمن به، أخرجه من طريقه ابن ماجه (400) والطبراني في الكبير (5698)،
ورواية أبيّ أخرجها الطبراني في الكبير (5699) وفي الدعاء (382) قال: حدثنا عبد الرحمن بن معاوية العتبي المصري، ثنا عبيد الله بن محمد المنكدري، ثنا ابن أبي فديك، عن أبيّ ... به.
وعبد الرحمن بن معاوية شيخ الطبراني مجهول الحال (وانظر: الضعيفة: 5/ 356، 12/ 501).
¥