تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما قوله:

وإما أنه أشار إلى أنه لم يثبت على طريقة تصحيح المحدثين، فإن الأحاديث تنقسم الى صحيح وحسن وضعيف وأشار إلى أنه ليس بثابت أي ليس من جنس الصحيح الذي رواه الحافظ الثقة عن مثله وذلك لا ينفي أن يكون حسنا وهو حجة.

ومن تأمل الحافظ الإمام علم أنه لم يوهن الحديث وإنما بين مرتبته في الجملة أنه دون الأحاديث الصحيحة الثابتة

فقد قرن ابن تيمية -رحمه الله- قول الإمام أحمد في عدم ثبوت الحديث، بقوله: " ولا أعلم فيها حديثًا له إسناد جيد "، وعن الإمام أحمد روايات -سبق بعضها في أصل الموضوع-، ومنها: " ليس فيه إسناد "، وبالنظر إلى مجموع الروايات يتضح أن مقصوده تضعيف الحديث من أصله، لا تنزيله عن مرتبة الحديث الصحيح فحسب.

ويصرّح بهذا أنه قال -مع ما قال في عدم ثبوت الحديث-: " ليس في هذا حديث أحكم به "، فلم يحتجّ الإمام بهذا الحديث، ولم يجعله صالحًا للأخذ به دليلاً على وجوب التسمية، فدل على أن مقصوده بعدم التثبيت: أن الحديث ضعيف لا يحتج به.

وأما قوله -رحمه الله-:

وكذلك قال في موضع آخر: أحسنها حديث أبي سعيد ولو لم يكن فيها حسن لم يقل فيها أحسنها

ففيه نظر واسع، ولا يلزم -البتة- أن يكون في الأحاديث حسن، ليكون أحدها أحسنها.

وإطلاق " أحسن الأحاديث كذا " مشهور عند الأئمة، ويطلقونه على بابٍ يضعفون أحاديثَهُ كلَّها، وأقرب ذلك: حديثنا هذا، فالبخاري جعل أحسن أحاديث الباب حديث سعيد بن زيد، وهو ضعيفٌ عنده، وأحمد كذلك، حيث ضعف الحديث ولم يحتج به -كما سبق-، لكنه بين أن أحسن ما في الباب أحد الأحاديث، وأحسن الضعيف ضعيفٌ، وقد سبق في التعليقات بيان وجه اعتبار الإمام أحمد حديث أبي سعيد أحسن أحاديث الباب مع ضعفه.

وقوله:

وهذا معنى احتجاج أحمد بالحديث الضعيف وقوله: ربما أخذنا بالحديث الضعيف وغير ذلك من كلامه يعني به الحسن

فأما ما رواه متهم أو مغفل فليس بحجة أصلا.

فقد سبق تصريح الإمام أحمد بعدم وجود حديثٍ يحكم به في هذا الباب، فليس كلامه في هذا الباب من جنس الأخذ بالحديث الضعيف.

وقول شيخ الإسلام:

ويبين ذلك وجوه

أحدها أن البخاري أشار في حديث أبي هريرة إلى أنه لا يعرف السماع في رجاله وهذا غير واجب في العمل بل العنعنة مع إمكان اللقاء ما لم يعلم أن الراوي مدلس.

وهذه مسألة عريضة، وقد فهم كلامَ البخاريِّ هذا غيرُ واحد من أئمة المتأخرين أنه يضعّف الحديث بالانقطاع في موضعين.

وليست هذه العلة الوحيدة في حديث أبي هريرة هذا، ففيه رجلان مجهولان.

وعليه فربما قيل: هلاّ أُثبت إمكان لقاء سلمة الليثي بأبي هريرة؟

وأما قوله:

وثانيها: أنه قد تعددت طرقه وكثرت مخارجه وهذا مما يشد بعضه بعضا ويغلب على الظن أن له أصلا.

فسبق البيان والتفصيل أن تعدد طرق هذا الحديث لا يفيده شيئًا، لضعفها ونكارتها.

وأما قوله:

وثالثها: أن تضعيفه إما من جهة إرسال أو جهل راو وهذا غير قادح على إحدى الروايتين وعلى الاخرى وهي قول من لا يحتج بالمرسل نقول اذا عمل به جماهير اهل العلم وأرسله من أخذ العلم عن غير رجال المرسل الأول أو روي مثله عن الصحابة أو وافقة ظاهر القرآن فهو حجة.

وهذا الحديث قد اعتضد بأكثر ذلك فإن عامة اهل العلم عملوا به في شرع التسمية في الوضوء ولولا هذا الحديث لم يكن لذلك أصل وإنما اختلفوا في صفة شرعها هل هو ايجاب او ندب وروي من وجوه متباينة مسندا ومرسلا ولعلك تجد في كثير من المسائل ليس معهم أحاديث مثل هذه.

فلا يُسلم بأن تضعيفه من جهة إرسال أو جهل راوٍ، بل الأحاديث مناكير، فيها تفردات مجاهيل، ورجالٌ ضعاف، واجتماع مجاهيل في الإسناد، وانقطاع ... وغيرها من العلل التي سبق شرحها في التعليقات.

والكلام هنا عن تصحيح الحديث مرفوعًا صنعةً حديثية، فالكلام عن الأخذ بالمرسل وعدمه إنما هو مسلكٌ للاحتجاج بالحديث والحكم به، لا لصحة الحديث وثبوته.

وقوله:

ورابعها: أن الامام احمد قال أحسنها يعني أحاديث هذا الباب حديث أبي سعيد وكذلك قال إسحاق بن راهويه وقد سئل أي حديث اصح في التسمية فذكر حديث أبي سعيد.

وقال البخاري: أحسن حديث في هذا الباب حديث سعيد بن زيد

وهذه العبارة وإن كانوا إنما يقصدون بها بيان أن الأثر أقوى شيء في هذا الباب فلولا أن أسانيدها متقاربة لما قالوا ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير