تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفيما نقلتُ عن الأئمة زيادة بيان عن حال الرجل.

ثانيا: إبراهيم بن جابر

قال الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة بعد نقله السَّابق عن حال الحُرٍّ بن مالك:

" قلت: و سائر رواته ثقات من رجال الشيخين غير إبراهيم بن جابر - و هو القزاز، أبو إسحاق البصري الباهلي – أورده ابن أبي حاتم (1/ 1 / 92) من روايته عن جمع، ثم قال: " روى عنه أبي و أبو زرعة رحمهم الله ".

و أبو زرعة لا يروي إلا عن ثقة، و على هذا فالحديث إسناده حسن عندي. و الله أعلم. " اهـ

أقول إن هذا الذي قال الشَّيخ رحمه الله غير صحيح، وإبراهيم بن جابر هذا ليس القزاز الذي ورد ذكره في الجرح والتَّعديل لابن أبي حاتم (18)، والذي جعل الشيخ رَحِمَهُ اللهُ يقول إنه إبراهيم القزَّاز _ وهذا الذي كنت سأقوم به، ويقوم به أي باحث مكان الشيخ رحمه الله، إذا لم يتوسَّع في البحث، وينظر في المصادر، ولعل الشيخ رَحِمَهُ اللهُ بذل جهده فيما بين يديه _ أنَّه نظر في الاسم، ثم بحث في أسماء الرُّواة عن الحُرِّ بن مالك في كتب الرِّجال، فوجد هذا الاسم، ثم نظر في حاله، وحكم على الرِّواية بناء على ثقته وأن أبا زرعة لا يروي إلا عن ثقة، وبقية رجال الإسناد مقبولين عنده (19).

والشيخ رَحِمَهُ اللهُ جانب الصواب في تحسين هذه الرِّواية لأمور:

1 - التَّفرُّد الواقع في الإسناد

أ _ المتأمل في الإسناد يتوقف في قبول رواية الحُرِّ بن مالك عن شعبة بهذا الحديث من بين تلاميذه الملازمين له، وقد أشار إلى ذلك عدد من الأئمة منهم:

أ - ابن عدي في الكامل حيث قَالَ: وللحر عن شعبة وعن غيره أحاديث ليست بالكثيرة، وأما هذا الحديث عن شعبة بهذا الإسناد فمنكر (20).

ب - أبو نعيم في الحلية حيث قَالَ: غريب تفرد به الحر بن مالك (21)

ج - البيهقي حيث قَالَ في شعب الإيمان: هكذا روي بهذا الإسناد مرفوعا، وهو منكر، تفرَّد به أبو سهل الحُرِّ بن مالك عن شعبة (22).

د - ابن حجر حيث علَّق على قول ابن عدي بقوله:

قلت: و هو موافق لما قال مسلم في مقدمة " صحيحه "، حيث قال: و علامة المنكر في حديث المحدث أن يعمد إلى مثل الزهري، في كثرة حديثه و كثرة الرواة عنه، فيأتي عنه بما ليس عند أحد منهم (23) ".

والشيخ رَحِمَهُ اللهُ لم يلتفت لهذه العلَّة، ولم يجب عنها، فلعل ذلك بسبب عدم التفات الشيخ رحمه الله إلى تعليل الأخبار بالتَّفرُّد غالبا، وهذا ظاهر صنيع الشيخ رَحِمَهُ اللهُ في كثير من الأحاديث، إلا أني لم أدرس منهجه دراسة وافيه لأصدر حكما عاما يكون مبنيا على سبر جميع أحكامه.

ب- أنَّ الشيخ رَحِمَهُ اللهُ لم يلتفت إلى تفرُّد إبراهيم بن جابر عن الحُرِّ بن مالك بهذا الحديث، ولعل الشَّيخ رَحِمَهُ اللهُ لم يتوسَّع في جمع طرق الرِّواية وينظر فيها، والنَّاظر في الرِواية، يستغرب تفرد إبراهيم بها، فلم أقف على من تابعه عليها عن الحُرِّ، فكيف إذا عرفنا أن الإمام الدَّارقطني بيَّن أن هَذَا الراوي تفرَّد بها حيث قَالَ:

" تفرد بن إبراهيم بن جابر بن عيسى عن الحُرِّ بن مالك أبي سهل عن شعبة (24) "

فعلَّة التَّفرُّد ممن هَذَا حاله، كافية لردِّ الرِّواية والشَّك الكبير في ثبوتها، فأين الرُّواة عن شعبة بن الحجَّاج عنها، ولماذا لم تشتهر إلا عن الحُرِّ المُقِلِّ جدًّا، وما حال الرَّاوي الَّذِيْ تفرَّد بها عن الحُرِّ، هل هو من الثِّقات الأثبات المكثرين حتى نقبل تفرُّدَه؟!

ثم كيف إذا عرفنا أن الشَّيخ رَحِمَهُ اللهُ أخطأ في تعيين الرَّاوي عن الحُرِّ ثم قوَّى الرِّواية بغير صاحبها وهذه هي:

العلَّة الثَّانية:

ظنَّ الشَّيخ الألباني رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنَّ الرَّاوي عن الحُرِّ بن مالك هو إبراهيم بن جابر القزَّاز، ثم نقل ترجمته من كتاب ابن أبي حاتم، ثمَّ حسَّن الرِّواية بناء على ما ظنَّ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير