تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والخلاصة، فهؤلاء أربعة من أئمة التعديل والتزكية: أحمد، والساجى،

والنسائى، وابن حبان استنكروا فقط روايته عن عبيد الله بن عمر، ولا يشك المدقق الحصيف أن أعرفهم بحاله هو أحمد بن حنبل، ولا يذهبن عنك

قوله فى رواية ابنه عبد الله عنه الآنفة الذكر: ((وقفت على يحيى بن سليم وهو يحدث عن عبيد الله أحاديث مناكير، فتركته ولم أحمل عنه إلا حديثا)). وربما انضاف إلى أربعتهم: يعقوب بن سفيان الفسوى، فقد قال عنه: ((سني رجل صالح وكتابه لا بأس به، وإذا حدث من كتابه فحديثه حسن، وإذا حدث حفظا فيُعرف ويُنكر))، لما علم أن الذى أطبقوا على إنكاره إنما هو حديث عبيد الله بن عمر.

ولهذا قال الحافظ ابن حجر ((الفتح)) (4/ 418): ((والتحقيق أن الكلام فيه ـ يعنى ابن سليم ـ إنما وقع في روايته عن عبيد الله بن عمر خاصة)).

قلت: وهذا الذى اختاره الحافظ غاية فى الإنصاف والإحاطة بحال يحيى بن سليم الطائفى.

أما قول الشيخ الألبانى ((إرواء الغليل)) (5/ 1489): ((إن التحقيق الذى حكاه إنما هو بالنسبة لرأى بعض الأئمة، وهو الساجى، وأما الأخرون من المضعفين فقد أطلقوا التضعيف ولم يقيدوه كما فعل الساجى، وهو الذى ينبغى الاعتماد عليه، لأن تضعيفه مفسر بسوء الحفظ عند جماعة منهم: الدارقطنى، فهو جرح مفسر يجب تقديمه على التوثيق باتفاق علماء الحديث. ثم هو مطلق يشمل روايته عن عبيد الله وغيره، وهو ظاهر كلام البخارى.

هذا هو التحقيق الذى ينتهى إليه الباحث فى أقوال العلماء فى الرجل، وقد لخصه الحافظ أحسن تلخيص كما عادته فى ((التقريب)) فقال: صدوق سيئ الحفظ، فأطلق تجريحه كما فعل الجماعة، ولم يقيد كما فعل الساجى)) اهـ.

ثم قوله: ((وأما القول بأن من روى له البخارى فقد جاوز القنطرة، فهو مما لا يلفت إليه أهل التحقيق كأمثال الحافظ ابن حجر العسقلانى، ومن له إطلاع على كتابه ((التقريب)) يعلم صدق ما نقول)) اهـ بلفظه.

أقول: فى ثنايا كلام الألبانى ـ رحمه الله ـ الذى زعم أنه التحقيق المنصف مغالطات كثيرة، أوقعه فيها اكتفاؤه بترجمة مقتضبة نقلها من ((تهذيب التهذيب)) و ((مقدمة الفتح)):

(أولها) قوله ((أطلق الحافظ فى ((التقريب)) تجريحه كما فعل الجماعة)) أبعد شئٍ عن التحقيق!، فمَنْ الجماعة بعد: الشافعى، والزعفرانى، وأحمد بن حنبل، وابن معين، والبخارى، وابن سعد، والعجلى، وابن عدى، وابن شاهين أهم الساجى، والدارقطنى، والحاكم أبو أحمد وحدهم؟!. بل الجماعة هم موثقوه كما بيَّناه بياناً شافياً قاطعا للعذر.

ثمَّ أليس ينبغى أن يحمل قول الحافظ ((صدوق سيئ الحفظ)) على ما فصَّله فى معرض الاحتجاج للبخارى فى روايته لحديث يحيى بن سليم بقوله ((والتحقيق: أن الكلام فيه إنما وقع في روايته عن عبيد الله ابن عمر خاصة، وهذا الحديث من غير روايته))، من باب حمل المطلق على المقيد!!.

ثانيها) قوله إن الساجى وحده هو الذى قيَّد ضعفه بعبيد الله بن عمر خطأ، وأخطئ منه ما بُنى عليه من حكمٍ فى حقِّ الرجل، فقد علمت أن مقيدى ضعفه بعبيد الله أربعة من الأئمة: رأسهم أحمد بن حنبل، ثم الساجى، والنسائى، وابن حبان.

ولا تنسى ما ذكرناه آنفاً بقولنا: ولا يشك العارف المدقق أن الإمام أحمد أعرف الأئمة بحاله، سيما وقد التقى به وحمل عنه حديثاً واحداً، وأسند عن جماعة من شيوخه أحاديثهم عنه فى ((مسنده))، ومنها حديثه الذى فى ((صحيح البخارى)).

(ثالثها) قوله ((ظاهر كلام البخارى تجريحه بإطلاق)) لا يحتاج إلى دليل لبيان خطئه، إذ يكفى تخريج البخارى حديثاً واحداً له فى ((صحيحه)) للدلالة على توثيقه إياه، وهو القائل: ((ما أدخلت في كتابي الجامع الا ما صحَّ)).

(رابعها) قوله ((قولهم أن من روى له البخارى فقد جاز القنطرة مما لا يلتفت إليه أهل التحقيق كالحافظ)) من أعجب الأغلاط فى حق الحافظ ابن حجر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير