ترجم الدرقاوي الآيات القرآنية التي أوردها النووي في مقدمة كتابه، إضافة إلى ترجمته الأبيات الشعرية الوارد في المقدمة، وفي خاتمة العرض أشار الباحث إلى أهمية الترجمات الأمازيغية للكتب الشرعية في نشر المعرفة الإسلامية عامة، وفقه الحديث خاصة. ونبغ بسبب هذه الكتب طائفة من الأميين الذين امتلكوا معرفة عميقة تضاهي أحيانا معرفة العلماء الحفاظ.
وأما المشاركة الثالثة، فكانت للأستاذ الدكتور إحيا الطالبي (أستاذ بالكلية المتعددة التخصصات بأسفي) في موضوع: فقه الحديث عند علماء شنقيط. وقد عرضه الباحث في مقدمة ومحورين، أولهما: عرض نماذج من علماء شنقيط في فقه الحديث، والثاني: الاستدلال بالسنة عند علماء شنقيط، ثم خاتمة البحث. وفي البداية نفى الباحث صحة ما يتردد لدى بعض الباحثين من أن الحركة الحديثية لم تكن مزدهرة في الصحراء قبل القرن الثاني عشر الهجري، باستثناء الموطأ والصحيحين. وأكد اهتمام علماء الصحراء بالمصنفات الحديثية قبل هذا القرن؛ بدليل ما جاء في أجوبة الإمام السيوطي في القرن التاسع، وتحديدا سنة 898 هـ حول مطلب من بلاد (التكرور)، مفاده أن علماء القوم لا يبالون بالكتاب والسنة إلا مع الدرهم والدينار (وهي ضمن كتاب الحاوي)، وذكر الولاتي في " فتح الشكور" غلبة النزعة الفروعية لدى علماء (التكرور).
وأشار الباحث إلى ظهور الحركة السلفية في القرن الحادي عشر بالصحراء بزعامة ناصر الدين، واقتفى أثره المجيبري (1204 هـ) بتأسيسه مدرسة تأخذ بالكتاب والسنة في كل مناهجها، وتنبذ التعصب المذهبي، وتحارب البدع. كما تصدى الشيخ الكنتي لدعاة الفروع باعتماده الأصلين – أي الكتاب والسنة – واعتبر خليلا جامعا للمذهب، ومن نماذج علماء شنقيط في فقه الحديث الذين عرف بهم الباحث:
أ ـ يحيى الولاتي (1330 هـ) وله مصنفات غزيرة منها "نور الحق الصبيح في شرح الجامع الصحيح" و"العروة الوثقى" و"اختصار الموطأ"، ويكمن منهجه في التأصيل للأحكام الشرعية.
ب ـ المجيبري (1205 هـ) وكان محدثا وأصوليا، ومنددا بالمذهبية.
ج ـ بابا سيدي (1342 هـ) جمع بين الفقه والحديث، من تأليفه: إرشاد المصلحين، أرجحية سنية اليدين والقبض.
د ـ محمد بن قصير (ما زال حيا): له كتاب أسنى المسالك.
هـ ـ أحمد بن الحضرمي الجيلاني: له كتاب يتناول الجانب الفقهي في ضوء المذاهب الأربعة دون استعراض للأسانيد، وخلص الباحث إلى أن علم الحديث وفقهه انتعش لدى المتأخرين، وقد ذكر المختار السوسي أن تندوف كانت مركز حديث.
بعد إلقاء هذه العروض الثلاثة فتح باب المناقشة وإلقاء التساؤلات والتعقيبا ت، وقد أجاب عنها الأساتذة الكرام.
وبعد استراحة قصيرة انطلقت أشغال الجلسة الثالثة في موضوع: مناهج المصنفين في فقه الحديث على الساعة الخامسة مساء برئاسة الدكتور عبد الله البخاري، الذي أعطى الكلمة للأستاذ الدكتور محمد خرشافي (أستاذ بكلية الآداب ـ عين الشق ـ الدار البيضاء) ليقدم بحثه في موضوع: منهج المالكية في الأخذ بخبر الآحاد إذا خالف عمل أهل المدينة، فبين أقسام عمل أهل المدينة و حجيته عند مالك.
بعد ذلك تفضل الدكتور جمال اسطيري (أستاذ بكلية الآداب ـ بني ملال) بإلقاء عرض حول بحثه في موضوع: مصدرية القرآن الكريم في فقه الحديث عند الإمام البخاري من خلال جامعه الصحيح فبين اعتماد البخاري على الدليل القرآني و دلالة ألفاظه على الأحكام.
وقد جاءت مشاركة الدكتور إبراهيم الوافي بعد ذلك في موضوع: فقه الحديث بين البخاري و ابن حجر، فبين حسن تبويب البخاري لجامعه، وترتيبه، واستدلالاته، واستنباطاته. وأشار إلى ردود ابن حجر على كثير من تقولات العلماء في حق البخاري الذين خفيت عليهم أسرار البخاري في تسمية بعض أبوابه وترتيبها.
ثم ألقى الدكتور ناجي لمين (أستاذ بدار الحديث الحسنية بالرباط) بحثه في موضوع: منهج الإمام الشافعي في علم مختلف الحديث، وبين أن الشافعي كان يجمع بين الحديثين الصحيحين المختلفين، أو يرجح بينهما اعتمادا على القرآن أو السنة أو القياس أو الترجيح بزيادة الثقة، ولا يحكم بالنسخ إلا بوجود دلالة على ذلك.
¥