تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و لهذا قد تجد نفس الخبر الواحد مقبولا عند اهل السير مرفوضا عند اهل الحديث و الرجل مقبولا عندهم في المغازي مرفوضا في السير و هو فعل الامام أحمد في مسنده كما نقله عنه ابنه في ابن اسحاق: كان أبي يتتبع حديثه ويكتبه كثيراً بالعلو والنزول ويخرجه في المسند وما رأيته اتقى حديثه قط قيل له يحتج به قال لم يكن يحتج به في السنن و وقال عباس الدوري سمعت أحمد بن حنبل وذكر محمد بن اسحق فقال أما في المغازي وأشباهه فيكتب وأما في الحلال والحرام فيحتاج إلى مثل هذا ومد يده وضم أصابعه و كذلك هو صنيع ائمة الحديث من بعد كابن حجر مثلا في كتبه تجد ان كان الكلام عن رواية لا بن اسحق في أبواب الاحكام سارع الى ردها بعنعنته و ان كان الكلام عن رواية له في أبواب المغازي و السير لم يردها بل استشهد بها و لها بل هذا هو صنيع ابن اسحق نفسه فتجده يتوسع في الرواية عن الضعفاء في المغازي و يتقيهم في الأحكام و هو ما يفسر احتجاج البخاري رحمه الله تعالى به في صحيحه و ليس هذا صنيع ابن اسحق فقط و قد لخص حافظ المغرب الامام ابن سيد الناس في معرض دفاعه عن ابن اسحق في كتابه عيون الأثر ذلك (و هو من اجل ما الف في هذا العلم و كان الشيخ سيدي مصطفى البويحياوي يقول أنه لو تمعن من دعا الى تطبيق مناهج المحدثين في صنيع هذا الامام لفهموا مقاصد أهل السير في تآليفهم) فقال رحمه الله:"محمد بن اسحق مشهور بسعة العلم وكثرة الحفظ فقد يميز من حديث الكلبي وغيره مما يجري مجراه ما يقبل مما يرد فيكتب ما يرضاه ويترك مالا يرضاه وقد قال يعلى بن عبيد قال لنا سفيان الثوري اتقوا الكلبي فقيل له فإنك تروي عنه فقال أنا أعرف صدقه من كذبه ثم غالب ما يروى عن الكلبي أنساب وأخبار من أحوال الناس وأيام العرب وسيرهم وما يجري مجرى ذلك مما سمح كثير من الناس في حمله عمن لا تحمل عنه الأحكام وممن حكي عنه الترخص في ذلك الإمام أحمد وممن حكي عنه التسوية في ذلك بين الأحكام وغيرها يحيى بن معين وفي ذلك بحث ليس هذا موضعه "

هل يشترط لجميع ذلك الصحة على اصطلاح المحدثين؟

وهل للمؤرخين اصطلاح في قبول الروايات وردها

على حسب علمي المحدود شيخي الكريم نعم لهم قوانين و اصطلاحات أقل صرامة من اصطلاحات المحدثين و ان كان جلها مستخرجا من أصول المحدثين و نظرة بسيطة لمقدمة بن خلدون توضح هذه القوانين و الاصطلاحات كما ان لأهل اللغة اصطلاحاتهم و قوانينهم في تمييز نسبة الأشعار الى أصحابها و كما ان لأهل الأنساب أيضا قوانينهم و اصطلاحاتهم و كل قانون منها يختلف عن الاخر شدة و صرامة بحسب مقتضى الحال و الخلط بين مناهج هذه العلوم كمن البس الطويل ثوب القصير و القصير ثوب الطويل محتجا ان الثوب واحد و لم يلحظ أن القياس مختلف و ان استخراج قياس القصير من قياس الطويل لا يلزم منه تطابق القياسين و انما هو أثر من آثار التناسب و النسبية التي كتبها الله على خلقه برهانا على مطلق وحدانيته ... فكذلك مناهج معرفة الأخبار عند ارباب هذه العلوم

و هذا ما يبين حفظكم الله الخلط الذي نتج عن قولكم

وقد كان العلماء يطلقون قولهم ((لا يحتج به))

دون تقييد ببابٍ من الأبواب دون آخر

والكذاب الذي يكذب في أحاديث الأحكام ما الذي يجعلنا نأمن كذبه في السير

فاطلاقات العلماء المجملة هذه تفسرها تقييداتهم الأخرى و لهذا الذي جعلنا لا نحتاط لمتهم بكذب في المغازي بنفس الدرجة التي احتطنا بها في الأحكام هو نفس السبب الذي جعلنا لا نحتاط لخطأ الراوي في الفضائل بنفس الدرجة التي احتطنا بها في الأحكام و نفس السبب الذي جعلنا لا نحتاط لمتهم بالكذب الراوي في التاريخ ما احتطنا له في السير و نفس السبب الذي جعلنا لم نطلب السند في رواية مواعظ الصالحين و حكم الحكماء كما طلبناه في التاريخ فالعلوم درجات ككل شيء خلقه البارئ سبحانه

وهل معظم أصحاب السير من الأئمة النقاد الذين يعتمد قولهم في الجرح والتعديل

ليسوا كذلك و لكنهم ائمة نقاد في معرفة السير و المغازي دون كثير من ائمة الجرح و التعديل

هل وهم الراوي الثقة غير وارد أيضا في أحاديث الأحكام؟

الأصل في حديث الثقة أنه حفظه وإثبات وهمه لا بد له من قرينة وهي ما يسمى بالعلة الخفية

والأصل في حديث الضعيف أنه لم يضبطه إلا لقرينة وهي الإعتضاد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير