تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - ينظر علماء الحديث إلى السنة على أنها وحي غير متلو. قال ?: "ألا إني أُعطيتُ القرآن، ومثلَه معه، .. " وقال الإمام الشافعي: "وما فرض رسول الله ? شيئاً قط إلا بوحي، فمن الوحي ما يتلى، ومنه ما يكون وحياً إلى رسول الله، ? فيستن به (عن) رسول الله ? قال: "ما تركت شيئاً مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به، ولا شيئاً مما نهاكم عنه إلا وقد نهيتكم عنه، وإن الروح الأمين قد ألقي في روعى أنه لن تموت نفس حتى تستوفى رزقها فأجملوا في الطلب."

وقد قيل: ما لم يتل قرآناً إنما ألقاه جبريل في روعه بأمر الله فكان وحياً إليه، وقيل جعل الله إليه لما شهد له به من أنه يهدي إلى صراط مستقيم أن يسن، وأيهما كان فقد ألزمهما الله تعالى خلقه ولم يجعل لهم الخيرة من أمرهم فيما سن لهم، وفرض عليهم اتباع سنته،" وهذا الذي حرره الشافعي هو رأي علماء الحديث، ورسول الله وإن كان يجتهد في بعض الأمور على القول الراجح، إلا أن اجتهاده عليه الصلاة والسلام كان في زمن الوحي، ولا يقر ? على خطأ في اجتهاده، وهذا نوع من إقرار الله عز وجل له يدل على رضا الخالق.

بينما أصحاب الموقف الآخر إن كانوا من المستشرقين فهم أبعد ما يكونون عن هذه النظرة؛ لأنهم لا يؤمنون ببعثة محمد ?، وبعضهم أصلاً من الملاحدة الذين لا يدينون بدين.

وأما المخالف لمنهجية أهل الحديث من المعتزلة والمتأثرين بهم في العصر الحديث، فهم يطالبون بعرض السنة على القرآن، والبعض يتوسع في ذلك حتى كأنه يريد رد أكثر السنة، وموقف المحدثين من هذه القضية أيضاً مختلف؛ لأنهم يرون أن السنة شارحة للقرآن، ومبينة له، وبالتالي هي: تبين مجمله، وتخصص عامه، وتقيد مطلقه، وتوضح مشكله، وتبسط مختصره، ولذا فأهل الحديث يرون أن السنة الصحيحة التي توفرت فيها شروط الصحة المعروفة لا يجب عرضها على القرآن؛ لأن الخبر النبوي لا تتكامل شروط الصحة فيه إلا وهو غير مخالف للكتاب كما هو رأي الشافعي وغيره من أهل الحديث.

وتأكيداً لموقف المحدثين السابق، نجد أن يحيى بن كثير يقول: "السنة قاضية على الكتاب، وليس الكتاب قاضياً على السنة،" ويقول مكحول: "الكتاب أحوج إلى السنة، من السنة للكتاب."

وقد وضح أحد أئمة الجرح والتعديل هذه الحقيقة بصورة جلية تدل على أنها كانت قضية محسومة عندهم رحمهم الله تعالى، يقول ابن حبان: "هذه الأخبار مما ذكرنا في كتاب "شرائط الأخبار" أن خطاب الكتاب (يعني القرآن) قد يستقل بنفسه في حالة دون حالة حتى يستعمل على عموم ما ورد الخطاب فيه، وقد لا يستقل في بعض الأحوال حتى يستعمل على كيفية اللفظ المجمل الذي هو مطلق الخطاب في الكتاب دون أن تبينها السنن.

وسنن المصطفى ? كلها مستقلة بأنفسها لا حاجة بها إلى الكتاب؛ لأنها المبينة لمجمل الكتاب، والمفسرة لمبهمه، قال الله جل وعلا: ?وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ? (النحل:44)، فأخبر جل وعلا أن المفسر لقوله: ?وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ? (البقرة:43)، وما أشبهها من مجمل الألفاظ في الكتاب رسولُهُ ?، ومحال أن يكون الشيء المفسر له حاجةٌ إلى الشيء المجمل، وإنما الحاجة تكون للمجمل إلى المفسر ضد قول من زعم أن السنن يجب عرضها على الكتاب، فأتى بما لا يوافقه الخبر، ويدفع صحته النظر."

وأما الداعون إلى نقد المتون الحديثية الصحيحة على منهج المحدثين بمقتضى النظر العقلي، فإن دعوتهم هذه لم تكن مقبولة عند علماء الحديث قديماً وحديثاً، لما يلي:

ـ[أبوصالح]ــــــــ[15 - 11 - 06, 11:54 م]ـ

- العقل البشري محدود في إمكانياته ومجالاته، ولذا يقول الشافعي رحمه الله: "إن للعقل حداً ينتهي إليه، كما أن للبصر حداً ينتهي إليه،" أي أن العقل كحاسة البصر عند الإنسان، فكما أنها محدودة جداً ونطاقها ضيق، ومجالاتها قاصرة، كذلك العقل محدود أيضاً، ومما يثبت ذلك الواقع التاريخي للعقل البشري، فكم من أمر كان العقل لا يعرفه ولا يحيط به، بل ولا يتصوره، ومع مرور الزمن وتقدم العلم المادي تمكن العقل البشري من إدراك تلك الأمور والقبول بها، وقابلية العقل للتطور وللتقدم من أظهر الأدلة على قصوره، ونقصانه عن حد الكمال، فالواجب على الباحث حين تنقدح في ذهنه بعض المعارضات العقلية لمتن حديث نبوي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير