تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أقول: قال ابن القيم في كتاب الصلاة: " قال الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله: من ادعي الإجماع فهو كاذب لعل الناس اختلفوا، هذه دعوى بشر المريسي والأصم، ولكن يقول: لا نعلم للناس اختلافا إذ لم يبلغه؛ وقال في رواية المروذي: كيف يجوز للرجل أن يقول: أجمعوا، إذا سمعتهم يقولون: أجمعوا فاتهمهم، لو قال: إني لا أعلم مخالفاً كان أسلم؛ وقال في رواية أبي طالب: هذا كذب ما أعلمه أن الناس مجمعون، ولكن يقول ما أعلم فيه اختلافًا فهو أحسن من قوله إجماع الناس، وقال في رواية أبي الحارث: لا ينبغي لأحد أن يدعي الإجماع لعل الناس اختلفوا.

وقال الشافعي في أثناء مناظرته لمحمد بن الحسن: لا يكون لأحد أن يقول: أجمعوا حتى يعلم إجماعهم في البلدان، ولا يقبل على أقاويل من نأت داره منهم ولا قربت إلا خبر الجماعة عن الجماعة، فقال لي: تضيق هذا جدًا، قلت له: وهو مع ضيقه غير موجود ـ إلى أن قال ـ: وقال الشافعي في رسالته: " ما لا يعلم فيه خلاف فليس إجماعاً " فهذا كلام أئمة أهل العلم في دعوى الإجماع كما ترى [6] ".

يقول الشاطبي ردا على من زعم الإجماع في مسألة ما ـ كما زعمت أنت الإجماع في هذه المسألة ـ: " فزعم أنه ما زال معمولا به في جميع أقطار الأرض، أو في جلها من الأئمة في مساجد الجماعات من غير نكير إلا نكير أبي عبد الله ثم أخذ في ذمه: وهذا النقل تهور بلا شك لأنه نقل إجماع يجب على الناظر فيه والمحتج به قبل الالتزام عهدته أن يبحث عنه بحث أصل عن الإجماع لأنه لا بد من النقل عن جميع المجتهدين من هذه الأمة من أول زمان الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ إلى الآن وهذا أمر مقطوع به [7] ".

ادعاء الإجماع بدون ثبوت قطعي ليس بهين

أقول: ادعاء الإجماع في هذه المسألة ليس بهين كما زعمت أو فهمت أو قلدت الإمام مسلمًا فيها يا شيخ حاتم! فمجرد الرواية المعنعنة أو العمل بها بدون تصريح الصحة لم يكن دليلا لأحد أن يقول أو يستدل بها على الإجماع كائنا من كان إلا بقول صريح من المحدثين أجمعين: إن الحديث المعنعن بدون اشتراط العلم بالسماع بين المتعاصرين صحيح.

ولا أطلب الدليل من قلد الإمام مسلما بدون معرفة دليله أو غيره آحادًا أو جمهورًا لأنه مقلد، والمقلد حسبه كلام مقلَّده كما هو معروف في كتب الأصول.

يا شيخ حاتم! تذم التقليد والمقلدين وأنت تقلد في هذه المسألة بدون شعور فصدق عليك المثل " فر من المطر وقر تحت الميزاب ".

دعوى الشيخ حاتم أنه وفق في مسألة

العنعنة إلى الصواب دون غيره

قال الشيخ حاتم [8]:

" ومن مناقشة تلك المسلمة وفقت إلى الصواب (بحمد الله تعالى)!! وعرضت هذا البحث تحت ست مسائل:

المسألة الأولى: تحرير شرط البخاري (المنسوب إليه) ... ـ إلى أن قال ـ وإلى مسائل البحث:

المسألة الأولى

تحريرُ شَرْطِ البخاري (المنسوب إليه)، وشَرْطِ

مسلم، وشَرْطِ أبي المظفَّرِ السمعاني

أولاً: تحرير الشرط المنسوب إلى البخاري:

نسب عامّةُ أهلِ العلم ممّن جاء بعد القاضي عياض (ت 544 هـ) ـ أخذًا من القاضي عياض ـ إلى البخاري أنه يخالف مسلمًا في الحديث المعنعن، وأنه لا يكتفي بالشرط الذي بيّنه مسلم في صحيحه، بل يُضيفُ شرطًا زائدًا عليه. ثم اختلفوا في ذلك: ... إلخ).

ما أصاب عامة العلماء الذين نسبوا شرط اللقاء

والسماع إلى البخاري في نظر الشيخ حاتم

أقول: يا شيخ حاتم! هل تفهم ما تسوده بقلمك على القرطاس الأبيض! هل عامة العلماء بعد القاضي عياض وافقوه على زوره الذي نسبه إلى البخاري بدون فهم؟ وأنهم لم يكتفوا بالشرط الذي بينه مسلم في صحيحه؟ هل مسلم بين الشرط الذي اشترطه البخاري في صحيحه؟ هل مسلم علم هذا الشرط بأن سمعه من في البخاري أو بتتبع صحيحه؟ وأنت القائل [9]:

" المسألة الثانية

نسبة القول باشتراط العلم بالسماع إلى البخاري:

تاريخُها، ودليلُها، ومناقشة الدليل

الذي لا يختلف فيه اثنان: أن البخاري لم يُصَرِّح بالشرط المنسوب إليه، وهو اشتراطُ النصِّ الدال على اللقاء أو السماع، وأنه لا صَرّح بذلك في صحيحه ولا خارج صحيحه.

وهذه قاعدةٌ، نبني عليها؛ لأنها محلّ اتّفاق.

والقاعدة الثانية: أن كتاب (صحيح البخاري) لا ينفع أن يكون دليلاً على صحّة نسبة ذلك الشرط إلى البخاري، ولو تحقّق فيه ذلك الشرط فعلاً دون انخرام، فكيف والشأن أنه لم يتحقق فيه!!! ".

أقول: إذا لم يذكر البخاري شرطه الذي راعاه في صحيحه فكيف ذكره مسلم في مقدمة صحيحه كما ذكرتهُ [10]؟ فالآن أنت وغيرك سواء بسواء بذكر الشرط الذي اشترطه البخاري.

فائدة: قال الحافظ ابن حجر [11]: " قال الحافظ أبو ذر الهروي: سمعت أبا الهيثم محمد بن مكي الكشميهني يقول: سمعت محمد بن يوسف الفربري يقول: " قال البخاري: ما كتبت في كتاب الصحيح حديثاً إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين ".

وقال أبو علي الغساني: " روي عنه أنه قال: خرَّجت الصحيح من ستمائة ألف حديث ". وروى الإسماعيلي عنه قال: " لم أخرج في هذا الكتاب إلا صحيحًا، وما تركت من الصحيح أكثر ".


1 ـ الإجماع: ص9.

2 ـ عمدة القاري: 1/ 5.

3 ـ الإجماع: ص9.

1 ـ النجم: 28.

2 ـ راجع إرشاد الفحول وغيره من كتب الأصول بحث الإجماع.

1 ـ مجموعة الحديث: ص516، 517.

2 ـ الاعتصام: ج1 ص260.

1 ـ الإجماع: ص 10 ـ 13.

1 ـ الإجماع: ص34.

1 ـ الإجماع: ص13.

2 ـ هدي الساري: ص7.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير