المجتهدين من أنكر هذا الإجماع ـ قال الشوكاني [1]: في بحث الإجماع: " البحث الحادي عشر: في الإجماع السكوتي، وهو أن يقول بعض أهل الاجتهاد بقول وينتشر ذلك في المجتهدين من أهل ذلك العصر فيسكتون، ولا يظهر منهم اعتراف، وفيه مذاهب ـ الأول: أنه ليس بإجماع ولا حجة ـ قاله داود الظاهري وابنه والمرتضى، وعزاه القاضي إلى الشافعي واختاره، وقال: إنه آخر أقوال الشافعي ... إلخ ".
لماذا لم يذكر الإمام مسلم اسم الذي
ادعاه باشتراط اللقاء والسماع؟
وقال الشيخ حاتم [2]:
" الدليل الثالث ... إلخ ".
أقول: وقد مر الكلام عليه مفصلا من قبل [3].
هل سكت العلماء بعد الإمام مسلم
إلى عهد القاضي عياض؟
وقال الشيخ حاتم [4]:
" الدليل الرابع:
الصمتُ التامّ والسكوت المُطْبِقُ عن الخلاف المزعوم بين البخاري ومسلم في الحديث المعنعن، ويستمرّ هذا الصمت الأصم نحو ثلاثة قرون، إلى أن ينسب القاضي عياض (ت 544هـ) ذلك الشرط إلى البخاري وعلي بن المديني وغيرهما (كما قال) ...
أقول: قد مر الكلام على هذا الدليل من قبل فارجع إليها [5]؛ وسيأتي [6]: نقلك عن طريق البيهقي " كلامًا للطحاوي ـ (ت 321هـ) ـ أعل به حديثا بعدم العلم بالسماع ... إلخ "، فثبت بهذا النقل أن كلامك هذا غير صحيح، ما كان الصمت الأصم إلى القاضي عياض؛ وأما قولك في القاضي عياض، فأيضا مر الكلام عليه، وأقول هاهنا: هو خصمك أمام ربنا يوم القيامة ـ والله المستعان على ما تصفون.
يا شيخ حاتم! كان واجب عليك أن تقول: قد نسب هذا القول إلى البخاري القاضي عياض (ت 544هـ): بدون إحالة إلى أي مصدر ومع احترامه قوله هذا غير معتمد عند المحققين.
اعتراض الشيخ حاتم على البخاري والجواب عنه
قال الشيخ حاتم [7]:
" الدليل الخامس:
أن مسلمًا لما أراد أن يبيّنَ لخصمه أنه مخالفٌ للإجماع، استدلّ (فيما استدلّ) بأسانيد لم يذكر فيها بعضُ رواتها ما يدلّ على سماعهم ممّن رووا عنهم، ولا في شيءٍ من مروياتهم عنهم، مع ذلك لم يتردّد أحدٌ في أن يحكم على تلك الأسانيد بالاتّصال والصحّة؛ كما يقول مسلم. إلا ذلك الخصمُ المخالِفُ لمسلم، فإنه طعن في تلك الأسانيد بعدم الاتصال، بناءً على شرطه في قبول الحديث المعنعن.
يقول الإمام مسلم: " فمن ذلك أن عبد الله بن يزيد الأنصاري، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روى عن حذيفة وعن أبي مسعود الأنصاري، وعن كل واحدٍ منهما حديثًا يُسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وليس في روايته عنهما ذِكْرُ السماع منهما، ولا حفظنا في شيء من الروايات أن عبد الله بن يزيد شافه حذيفة وأبا مسعود بحديث قط، ولا وجدنا ذكر رؤيته إيّاهما في رواية بعينها ... ـ إلى أن قال: ـ وموطن الشاهد هو أن البخاري أحدُ من صحّح بعض الأسانيد التي ذكرها مسلم.
فأخرج البخاري حديث عبد الله بن يزيد عن أبي مسعود (رقم55).
أقول: هل اشترط أحد أن الصحابي إذا روى عن صحابي آخر لا بد له من سماع؟ عبد الله بن يزيد صحابي قيل: إنه شهد في بيعة الرضوان وهو صغير، وله مسند في مسند الإمام أحمد [8]؛ وتحفة الأشراف [9]، مع ذلك ذكر الإمام البخاري سماعه من أبي مسعود في صحيحه، كتاب المغازي: حديث (رقم4006).
ثم قال الشيخ حاتم:
وأخرج البخاري حديث قيس بن أبي حازم عن أبي مسعود (رقم3302) (رقم90) (رقم1041) (رقم702).
أقول: انظر حديث 1041، ففيه: " عن قيس قال: سمعت أبا مسعود يقول ".
ثم قال الشيخ حاتم:
وأخرج البخاري حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أنس (رقم5381).
وأخرج البخاري حديث نافع بن جبير بن مطعم عن أبي شريح الخزاعي (رقم6019).
أقول: ما وجدتهما في صحيح البخاري تحت الأرقام المذكورة، فظننت أنه وقع خطأ في كتابة الأرقام فرجعت إلى تحفة الأشراف تحت ترجمتهما فلا وجود لهما عند المزي، فتحيرت! حديثان ذكرهما الشيخ حاتم من البخاري مع ذكر الأرقام، فأي نسخة وردا فيها؟ ولم يجدهما في صحيح البخاري المزيُّ ولا قبله أبو مسعود الدمشقي ولا خلف الواسطي، ولا العراقي في المستدرك عليه ولا ابن حجر في النكت الظراف مع أنه عاش مع صحيح البخاري أكثر من أربعين سنة.
ثم قال الشيخ حاتم:
¥