تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويظهر لي أن القطان توقف في تفرد عبيدالله لحال نافع وأنه شيخ له تلاميذ كثر من كبار الثقات وليس لأن كل تفرد من الثقة يعد منكراً، يؤكد ذلك أن توقفه زال بمجرد متابعة من يراه هو أنه ضعيف مما يدل على أن توقفه كان خفيفاً ومؤقتاً لمجرد شبهة أو شك خفيف.

(النص الثاني): قال الإمام أحمد: (كان يحيى بن سعيد يحمل على همام - بن يحيى - حتى قدم معاذ بن هشام، فوافق هماماً في أحاديثه) [45].

وقال أيضاً: (كان يحيى ينكر على همام أنه يزيد في الإسناد، ثم قال: زعم عفان قال: كان يحيى يسألني عن همام كيف قال همام حيث قدم معاذ بن هشام - الدستوائي -، وذاك أنه وافق هماماً في أحاديث) [46]، ويظهر من نص آخر أن موافقة معاذ لهمام كانت في أحاديث هشام الدستوائي [47].

وقال عفان بن مسلم: (كان يحيى بن سعيد يعرضُ على همام في كثير من حديثه، فلما قدم معاذ بن هشام، نظرنا في كتبه فوجدناه يوافق هماماً في كثير مما كان يحيى ينكره، فكفَّ يحيى بعدُ عنه) [48].

وهمام بن يحيى بن دينار العَوْذي ثقة عند جمهور النقاد إلا أن بعضهم صرح بأنه يغلط أحياناً وخاصة إذا حدث من حفظه، وكان قديماً يحدث من حفظه دون أن يكثر من تعاهد كتابه ثم تنبَّه لذلك فصار يتعاهد كتبه، ولذا ذهب الإمام أحمد والحافظ ابن حجر إلى أن سماع المتأخرين منه أثبت من سماع المتقدمين [49].

والذي يظهر لي أن القطان لم يكن يرى هماماً أصلاً ثقة، فقد ذُكر عن الإمام أحمد أن يحيى بن سعيد شهد في حداثته شهادة، وكان همام على العدالة [50]، فلم يَعدله فتكلم فيه يحيى لهذا [51]، وقال أحمد: (كان يحيى بن سعيد لا يستمرئ هماماً) [52].

وقد قال عبدالرحمن بن مهدي: (ظلم يحيى بن سعيد همام بن يحيى لم يكن له به علم ولا مجالسة) [53].

فإنكار يحيى لتفردات همام كانت إما بسبب ما يقع في حديثه القديم من مخالفات جعلته في نظره دون مرتبة الثقة، أو كان ضعيفاً عنده بسبب الحادثة التي ذكرها الإمام أحمد، وعلى أية حال فمن المؤكد أنه لم يكن يرى همام بن يحيى ثقة، ومع ذلك استنكر تفرداته، فليُفطن لهذا فإنه مهم.

(النص الثالث): قال علي بن المديني: (قال لي يحيى بن سعيد: قيس بن أبي حازم منكر الحديث، ثم ذكر له يحيى أحاديث مناكير، منها حديث كلاب الحوأب) [54].

وقيس بن أبي حازم من كبار التابعين ثقة ثبت، قال الذهبي: (ثقة حجة، كاد أن يكون صحابياً، وثقه ابن معين والناس، وقال علي بن عبدالله عن يحيى بن سعيد: منكر الحديث، ثم سمى له أحاديث استنكرها، فلم يصنع شيئاً، بل هي ثابتة، لا ينكر له التفرد في سعة ما روى ... وأجمعوا على الاحتجاج به، ومن تكلم فيه فقد آذى نفسه، نسأل الله العافية وترك الهوى فقد قال معاوية بن صالح عن ابن معين: كان قيس أوثق من الزهري) [55].

وقد قال يعقوب بن شيبة: (وقيس من قدماء التابعين، وقد روى عن أبي بكر الصديق فمن دونه وأدركه وهو رجل كامل ... وهو متقن الرواية.

وقد تكلم أصحابنا فيه: فمنهم من رفع قدره وعظمه، وجعل الحديث عنه من أصح الإسناد.

ومنهم من حمل عليه وقال: له أحاديث مناكير.

والذين أطروه حملوا هذه الأحاديث عنه على أنها عندهم غير مناكير، وقالوا: هي غرائب.

ومنهم من لم يحمل عليه في شيء من الحديث وحمل عليه في مذهبه، وقالوا: كان يحمل على علي رحمة الله عليه وعلى جميع الصحابة، والمشهور عنه أنه كان يقدم عثمان، ولذلك تجنب كثير من قدماء الكوفيين الرواية عنه.

ومنهم من قال: إنه مع شهرته لم يرو عنه كبير أحد، وليس الأمر عندنا كما قال هؤلاء، وقد روى عنه جماعة ... ) [56].

وحديث كلاب حوأب، رواه الإمام أحمد في مسنده [57] عن يحيى بن سعيد القطان عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: لما أقبلت عائشة، بلغت مياه بني عامر ليلاً، نبحت الكلاب، قالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب. قالت: ما أظنني إلا أني راجعة، فقال بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله عز وجل ذات بينهم، قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها ذات يوم: (كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب) [58].

وقد أخرجه عدد من الأئمة في مصنفاتهم، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي والهيثمي وابن حجر [59] من طرق عن إسماعيل به.

ويقول الحافظ ابن حجر مفسراً كلام القطان في قيس: (ومراد القطان بالمنكر، الفرد المطلق) [60].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير