تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَافَقَهُمْ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ تَرْكُهُ , وَلَمْ يَقُولُوا: إنَّهُ مَكْرُوهٌ فَشَاذٌّ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِنَصِّ هَذَا الْحَدِيثِ. وَحَكَى الرَّافِعِيُّ وَجْهًا ضَعِيفًا شَاذًّا أَنَّ الْحَلْقَ وَالْقَلْمَ لَا يُكْرَهَانِ إلَّا إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَاشْتَرَطَ أُضْحِيَّةً أَوْ عَيَّنَ شَاةً أَوْ غَيْرَهَا مِنْ مَوَاشِيهِ لِلتَّضْحِيَةِ. وَحَكَى قَوْلًا أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْقَلْمُ , وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ كُلُّهَا شَاذَّةٌ ضَعِيفَةٌ. وَالصَّحِيحُ كَرَاهَةُ الْحَلْقِ وَالْقَلْمِ مِنْ حِينِ تَدْخُلُ الْعَشْرِ.

فَالْحَاصِلُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَوْجُهٌ: الصَّحِيحُ كَرَاهَةُ الْحَلْقِ وَالْقَلْمِ مِنْ أَوَّلِ الْعَشْرِ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ.

وَالثَّانِي: كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ.

وَالثَّالِثُ: الْمَكْرُوهُ الْحَلْقُ دُونَ الْقَلْمِ.

وَالرَّابِعُ: لَا كَرَاهَةَ إنَّمَا هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى.

الْخَامِسُ:لَا يُكْرَهُ إلَّا لِمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ الْعَشْرُ وَعَيَّنَ أُضْحِيَّةً وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ. وَالْمُرَادُ بِالنَّهْيِ عَنْ الْحَلْقِ وَالْقَلْمِ الْمَنْعُ مِنْ إزَالَةِ الظُّفْرِ بِقَلْمٍ أَوْ كَسْرٍ أَوْ غَيْرِهِ , وَالْمَنْعُ مِنْ إزَالَةِ الشَّعْرِ بِحَلْقٍ أَوْ تَقْصِيرٍ أَوْ نَتْفٍ أَوْ إحْرَاقٍ أَوْ بِنَوْرَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ شَعْرُ الْعَانَةِ وَالْإِبِطِ وَالشَّارِبِ , وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَرُوذِيُّ فِي كِتَابِهِ التَّعْلِيقِ: وَحُكْمُ سَائِرِ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ حُكْمُ الشَّعْرِ وَالظُّفُرِ , وَدَلِيلُهُ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ ... وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ)) (5).

القول الثالث: أنه لا يكره، وهو قول أبي حنيفة ومالك في رواية ونصره ابن عبد البر.

قال الإمام أبو حنيفة:" لأنه لا يحرم عليه الوطء واللباس فلا يكره له حلق الشعر وتقليم الأظفار كما لو لم يرد أن يضحي" (6).

ونُقِلَ عن أبي حنيفة القول بالاستحباب،وأن من يفعله يكره له ذلك كراهة تنزيه (7).

قال ابن عبد البر: ((وقد اختلف العلماء في القول بهذا الحديث –يعني حديث أم سلمة-فقال مالك لا بأس بحلق الرأس وقص الأظفار والشارب وحلق العانة في عشر ذي الحجة. وهو قول أبي حنيفة وأصحابه والثوري.

واختلف في ذلك قول الشافعي فمرة قال:من أراد الضحية لم يمس في عشر ذي الحجة من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي، ومرة قال:أحب إلي أن لا يفعل ذلك فإن أخذ من شعره أو أظفاره شيئا فلا بأس لحديث عائشة:كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث.

وقال الأوزاعي: إذا اشترى أضحيته بعد ما دخل العشر فإنه يكف عن قص شاربه وأظفاره،وإن اشتراها قبل أن يدخل العشر فلا بأس.

وقال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية بظاهر حديث أم سلمة.

واختلف عن سعيد بن المسيب في ذلك وروي عنه أنه أفتى بما روي عن أم سلمة في ذلك، وروى مالك عن عمارة بن صياد عن سعيد بن المسيب قال:لا بأس بالاطلاء بالنورة في عشر ذي الحجة.

وهو أترك لما رواه عن أم سلمة،وقد أجمعوا على أنه لا بأس بالجماع في عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي وأن ذلك مباح فحلق الشعر والأظفار أحرى أن يكون مباحا)) (8).

الأدلة:

أدلة القول الأول: احتجوا بحديث أم سلمة السابق، وهو واضح الدلالة في النهي عن أخذ الشعر والأظفار، ومقتضى النهي التحريم (9).

وبحديث عَمْرُو بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عَمَّارٍ اللَّيْثِيُّ قَالَ:

كُنَّا فِي الْحَمَّامِ قُبَيْلَ الْأَضْحَى فَاطَّلَى فِيهِ نَاسٌ،فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَمَّامِ:إِنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَكْرَهُ هَذَا أَوْ يَنْهَى عَنْهُ!

فَلَقِيتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي هَذَا حَدِيثٌ قَدْ نُسِيَ وَتُرِك، َ حَدَّثَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ… الحديث (10).

واحتجوا أيضاً: ((أن يحيى بن يعمر كان يفتي بخراسان في الرجل إذا اشترى أضحية وسماها ودخل العشر أن يكف عن شعره وأظفاره فلا يمس منها شيء.

قال كثير:فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب فقال:نعم قد أحسن.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير