2ـ يقدم البحثُ دراسةً تاريخيةً لتطور مصطلحات علوم الحديث التي لها علاقة بالتفرد، حيث نجد في كثير من الأحيان أن المتقدمين من المحدثين يطلقون التسمية على أمر معين ثم يتغير إطلاق هذه التسمية بمرور الزمن حتى يستقر عند المتأخرين كاصطلاح واحدٍ متفق عليه، وهذه الدراسة التاريخية تجعلنا نفهم حقيقة مراد الحفاظ المتقدمين في كلامهم، وأيضاً تحُلُّ الكثير من الإشكالات العلمية الناشئة من اختلاف اصطلاحاتهم وعباراتهم.
3ـ جمع عددٍ من مصطلحات الجرح والتعديل التي تدل على التفرد من حيث قلة تفردات الراوي أو كثرتها, والحكم عليه بناءً على ذلك.
4ـ استخلاص الضوابط التي يستند إليها النقاد في إعلال التفرد ورده أو في قبوله.
5ـ الأمثلة التطبيقية، حيث أسعى - إن شاء الله - إلى بيان كلِّ مسألة بنماذج من عمل المحدثين والحفاظ؛ تؤكد ما أتوصل إليه، وتشهد له، واجتهد – غالباً - في أنْ لا أكرِّرَ الأمثلة المذكورة في كتب المصطلح؛ بل أبحث عن أمثلة أخرى مستخلصة من كتب العلل وكتب التخريج وكتب الرجال وغيرها من كتب الحديث.
سبب اختيار البحث:
1. ما سبق من أمور تجلَّت فيها أهمية البحث كونت الدافع لي في اختيار هذا الموضوع؛ لعمقه وتأصله وأهميته.
2. رغبتي في البحث في موضوع مُتَجذِّرٍ في علوم الحديث؛ يفيدني الاطلاعَ على منهج الأئمة الحفاظ، ومسالكهم في دراسة الروايات ونقدها.
3. عدم إيفاء هذا الموضوع حقه من التأليف والكتابة، فرغم وجود بعض الجهود في هذا الموضوع، إلا أنها بقيت جهوداً محدودة، تحتاج توسعاً، وبياناً ودراسة للأنواع الحديثية المرتبطة بالتفرد.
4. تسليط الضوء على عمق هذا العلم، وكشف الدقة التي يتعامل بها الحفاظ مع الراويات، فلا يطلقون الأحكام العامة، ولا ينظرون إلى ظاهر الأسانيد، وأحوال الرواة – كما هو الحال اليوم عند الكثيرين، إنما ينفذون إلى أصل الرواية، ويستشفون مما يحيط بها من قرائن وملابسات ضوابط للقبول أو الرد حسب ما يترجح لهم.
الجهود السابقة:
بالنسبة إلى جمع التفردات، والاهتمام بالروايات الأفراد من الأحاديث، وحصر الغرائب، فالمصنفات في ذلك كثيرة لا تُحصر، ويحمل الكثير منها اسم: «الأفراد»، أو «الغرائب»، وقد أفردتها بمبحث خاص في الفصل الأول بعنوان: «مصادر التفرد».
لكن هذه المدونات لا تهتمُّ بالجانب النظري التحليلي، ولا تتعرض لأحكام التفرد أو شيء من مسائله، إنما يَسرُدُ كلُّ مؤلفٍ ما وقع له بإسناده من تفردات في الراوية، أو غرائب في الأسانيد.
وأما الجانب النظري والتأصيلي للتفرد فلم أجد من تعرض له بشكل مستقل، أو أفرد فيه كتاباً، إنما وجدت مؤلفات وأبحاث تناولت جوانب ومسائل من هذا الموضوع، سأعرض أهمها مما وقفت عليه.
? كتب المصطلح، حيث تعرضت لمسائل التفرد في مواضع شتى منها، خاصة في المباحث التي تناولت أنواع: (الفرد)، و (الغريب)، و (الشاذ)، و (المنكر)، و (زيادة الثقة) وغيرها.
? «شرح علل الترمذي»، للحافظ ابن رجب الحنبلي، حيث تناول فيه مسائل مهمة من التفرد، وعرض لبعض القضايا الدقيقة في هذا الموضوع.
? «تفرد الثقة بالحديث»، للدكتور إبراهيم اللَّاحم، وهو بحث نشرته مجلة «الحكمة» في عددها الرابع والعشرين، بتاريخ (1423ه)، وهو يقع في أربعين صفحة، مقسم ثلاثة مباحث:
o المبحث الأول: موقف أئمة النقد من تفرد الثقة.
o المبحث الثاني: ضوابط النظر في تفرد الثقة.
o المبحث الثالث: موقف المتأخرين من تفرد الثقة.
اقتصر كاتب البحث على تفرد الثقة، ولم يتناول مسألة التفرد بعمومها.
? «الشاذ والمنكر وزيادة الثقة»، للدكتور: عبد القادر المحمدي، وهو بحث مقدم لدرجة الدكتوراه في جامعة بغداد، ويقع الكتاب في حوالي أربع مئة صفحة، قسمه بابين:
o الباب الأول: مفهوم الشاذ والمنكر وزيادة الثقة في مصطلح الحديث
o الباب الثاني: التطبيق العملي في كتب الأئمة المتقدمين
والكتاب حافل بأقوال المحدثين، ومليء بالأمثلة، وقد أفدت منه في جمع نصوص العلماء، ومما يؤخذ عليه: تطويله بالنقل عن الكتب السابقة، مع مروره على أمثلة ومواضع دون دراسة أو تعليق، فمثلاً عندما تكلم على الشاذ عند الحاكم نقل نصه كاملاً من معرفة علوم الحديث، وذكر كل الأمثلة التي ذكرها لكنه لم يدرس هذه الأمثلة إنما كان التعليق عليها مجملاً.
¥