تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: لسنا بصدد سكوت البيهقي على حديث احتج به ما حكمه عنده، نحن بصدد البحث عن الدلالة من كلام البيهقي على أنه ينتقي في الرواية عن شيوخه بل في كلامه دلالة على أنه يروي عن غير الثقات من وجهين:

أولا: أنه لا يحتج إلا بالصحيح كما قال، والصحيح قسمان: منه صحيح لذاته وصحيح لغيره ولا مانع أن يروي عن ثلاثة ضعفاء أو أكثر وضعفهم ضعف خفيف ثم يكون حديثهم عنده صحيحا لغيره ..

ثانيا أنه قال: أو التمييز بين ما يصح منها وما لا يصح. دليل على أنه يسوق حتى الضعاف بأسانيدها لكي يميز بين الصحيح من الضعيف، وما المانع أن يكون الضعيف هو شيخه؟.

(2) الإمام الطبري سليمان بن أحمد بن أيوب – رحمه الله - حيث أدخله الشيخ فيمن ينتقون في الرواية عن مشايخهم. ثم استدل على ذلك بقول الهيثمي – رحمه الله - في مجمع الزوائد (1/ 12):" ومن كان من مشايخ الطبراني في الميزان نبهت على ضعفه ومن لم يكن في الميزان ألحقته بالثقات الذين بعده ".

قلت: أين وجه الدلالة من كلام الإمام الهيثمي على أن الإمام الطبراني ينتقي في شيوخه، بل فيه دلالة على أنه لا ينتقي من وجهين أحدهما يفهم من كلام الهيثمي وهو:

الأول: أن الإمام الهيثمي أقر بأن من مشايخ الطبراني من هو ضعيف مذكور في الميزان مع أنه لا يلزم أن كل من ذكر في الميزان يكون ضعيفا، وأبان أنه سينبه على ضعفه، وقد وفي ما قال – رحمه الله -.

الثاني: أنه من المعلوم أن أصحاب المسانيد لا يتحرون في الأحاديث فهمه إيراد جميع ما في الباب من صحيح أو ضعيف ومنهم الإمام الطبراني – رحمه الله - والواقع أكبر برهان، فاقرأ كتاب الشيخ حماد الأنصاري – رحمه الله – الذي هو (بلغة القاصي والداني بتراجم شيوخ الطبراني) تجد فيهم الضعيف والمجهول والثقة وغير ذلك.

(3) الإمام الشافعي – رحمه الله -: واستدل الشيخ لذلك بما جاء في معرفة السنن والآثار للبيهقي (1/ 81) عن الشافعي قال: (وكان ابن سيرين وإبراهيم النخعي وغير واحد من التابعين يذهب هذا المذهب في أن لا يقبل إلا ممن عرف. قال وما لقيت ولا علمت أحدا من أهل العلم بالحديث يخالف هذا المذهب) ا. هـ

قال الشيخ: وما كان الشافعي – رحمه الله - على مكانته العلمية ورتبته المنيفة ليخالف مذهب العلماء في زمانه وقبل زمانه لكي يرد عليه أن هناك من وصف بعدم الانتقاء وهم في طبقة شيوخ أو شيوخ شيوخ الشافعي والله أعلم ..

قلت: هذا فهم خاطئ لكلام الإمام الشافعي – رحمه الله - فإن مراده – والله أعلم - بقوله "ممن عرف" أي من اشتهر أو عرف بروايته للحديث، ولا يشترط فيمن كان هذا حاله أن يكون محتجًا به، بدليل أنه نقل هذا عن التابعين وقد وجد فيهم من لا يتحرى في الرواية عن الثقات، فليس فيما ذُكر دلالة على أن الإمام الشافعي ينتقي في شيوخه، لكن هناك دلالة قوية لم يقف عليها الشيخ، وهي أن الإمام الشافعي – رحمه الله - ذكر حديث (لا تكذبوا عليّ) ثم قال عقبه "هذا أشد حديث روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا، وعليه اعتمدنا مع غيره في أن لا نقبل حديثًا إلا من ثقة ونعرف صدق من حمل الحديث من حين ابتدئ إلى أن يبلغ به منتهاه. (الرسالة صـ398ـ) (المعرفة للبيهقي1/ 139).

وبقي غيرهم لكنهم يحتاجون إلى مزيد نظر.

ولم يقتصر الشيخ على هذا، فقد طرح لنفسه سؤالا وهو: كيف نعرف أن الراوي من الذين ينتقون في مشايخهم؟ ثم أجاب على ذلك بقه: السبيل إلى ذلك بأمور منها:

1. أن ينص العلماء على ذلك، أو أن الراوي يصرح بذلك.

2. أن يوصف بعبارة تدل على ذلك كأن يقال فيه: نظيف الإسناد أو نقي الإسناد والرواية، أو جيد الإسناد وصحيحة، أو كان لا يدلس إذا لم يكن المقصود بذلك رد تهمة التدليس عنه فقط.

قلت: وهذا كلام ليس على إطلاقه، وهو غير صحيح وليس بمطرد أو –أعني البند الثاني- وبالأخص منه قوله: أو كان لا يدلس فإن هذا كلام مردود من وجهين:

الأول: أنه لا يلزم من كون الرجل يدلس أن الحامل له ضعف شيخه فقط بل قد يدلس شيخه وهو ثقة لأجل علو الإسناد أو لصغر شيخه أو لقصد نشر الرواية، وغير ذلك من الأسباب الحاملة للمدلسين. ويوضحه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير