(9) وفيه أنه ينبغى للعالم أن يرفق بالسائل ويُدْنِيه منه ليتمكن من سؤاله غير هائب ولا منقبض، قاله النووي (28). قال الحافظ ابن حجر في الفتح (24): ثبت في رواية أبي فروة (25) ففيها بعد قوله كأن ثيابه لم يمسها دنس حتى سلم من طرف البساط فقال: السلام عليك يا محمد , فرد عليه السلام. قال: أدنو يا محمد؟ قال: أدن. فما زال يقول أدنو مرارا ويقول له أدن. ونحوه في رواية عطاء بن السائب عن يحيى بن يعمر (26) لكن قال: السلام عليك يا رسول الله. وفي رواية مطر الوراق (27) فقال: يا رسول الله أدنو منك؟ قال: أدنو ..
(10) وقال النووي أيضا (28):" وينبغى للسائل حسن الأدب بين يدي معلمه، وأن يرفق في سؤاله.
قلت: يشهد لهذا ما في رواية عطاء بن السائب عن يحيى بن يعمر عند المروزي (29) , فقال أدنو يا رسول الله قال نعم فدنا ثم قام فتعجبنا لتوقيره رسول الله ثم قال أدنو يا رسول الله قال نعم فدنا حتى وضع فخذه على فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن ابن عمر عند أحمد (30): " ما رأينا رجلا أشد توقيرا لرسول الله من هذا ".
(11 - 14) في هذا الحديث دليل على مشروعية الصلاة والصوم والزكاة والحج.
(15) وفي قوله:"وتصوم رمضان" دليل على جواز قول رمضان من غير إضافة شهر إليه (31).
(16 - 21) وجوب الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره حُلْوِه ومُرِّه من الله تعالى. وقد بيّن الحافظ ابن حجر معانيها في الفتح (31)، فكان من جملة ما قال:" والإيمان بالله هو التصديق بوجوده وأنه متصف بصفات الكمال منزّه عن صفات النقص. والإيمان بالملائكة هو التصديق بوجودهم وأنهم كما وصفهم الله تعالى {عباد مكرمون} (32) وقدم الملائكة على الكتب والرسل نظرا للترتيب الواقع , لأنه سبحانه وتعالى أرسل الملك بالكتاب إلى الرسول وليس فيه متمسك لمن فضل الملك على الرسول.
والإيمان بكتب الله التصديق بأنها كلام الله وأن ما تضمنته حق.
والإيمان بالرسل التصديق بأنهم صادقون فيما أخبروا به عن الله.
وأما اليوم الآخر فقيل له ذلك لأنه آخر أيام الدنيا أو آخر الأزمنة المحدودة , والمراد بالإيمان به والتصديق بما يقع فيه من الحساب والميزان والجنة والنار.
وأما الإيمان بالقدر فالمراد به أن الله تعالى علم مقادير الأشياء وأزمانها قبل إيجادها , ثم أوجد ما سبق في علمه أنه يوجد , فكل محدث صادر عن علمه وقدرته وإرادته , هذا هو المعلوم من الدين بالبراهين القطعية , وعليه كان السلف من الصحابة وخيار التابعين , إلى أن حدثت بدعة القدر في أواخر زمن الصحابة , وكان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني ".
(22) قوله: (وبلقائه) قيل: المراد باللقاء رؤية الله , ذكره الخطابي. وتعقبه النووي بأن أحدا لا يقطع لنفسه برؤية الله , فإنها مختصة بمن مات مؤمنا , والمرء لا يدري بم يختم له , فكيف يكون ذلك من شروط الإيمان؟ وأجيب بأن المراد الإيمان بأن ذلك حق في نفس الأمر , وهذا من الأدلة القوية لأهل السنة في إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة إذ جعلت من قواعد الإيمان (31).
(23) وكأن الحكمة في إعادة لفظ " وتؤمن " عند ذكر البعث الإشارة إلى أنه نوع آخر مما يؤمن به , لأن البعث سيوجد بعد , وما ذكر قبله موجود الآن , وللتنويه بذكره لكثرة من كان ينكره من الكفار , ولهذا كثر تكراره في القرآن (31).
(24) وهكذا الحكمة في إعادة لفظ " وتؤمن " عند ذكر القدر كأنها إشارة إلى ما يقع فيه من الاختلاف , فحصل الاهتمام بشأنه بإعادة تؤمن , ثم قرره بالإبدال بقوله " خيره وشره "، ثم زاده تأكيدا بقوله في رواية أخرى " من الله " (31).
(25) ودل الإجمال في الملائكة والكتب والرسل على الاكتفاء بذلك في الإيمان بهم من غير تفصيل , إلا من ثبت تسميته فيجب الإيمان به على التعيين (31).
(26) ظاهر السياق يقتضي أن الإيمان لا يطلق إلا على من صدق بجميع ما ذكر (31).
فلا يصح إيمان من فاته أحدُ هذه الأركان، والنبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندما سأله جبريل عن معنى الإيمان لم يجتزئ بذكر بعضها، وإنما ذكرها أجمع، وفي هذا دليل على كُليّة الإيمان؛ أي أنه كلٌّ لا يتجزأ.
¥