تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(67) فيه دليل على أن سؤال القادم، أو السائل عن اسمه ليس على سبيل الوجوب، ففي حديث ابن عباس في خبر وفد عبد القيس (66)، قال:" من القوم؟ أو من الوفد؟ " الشك من الراوي، وفي هذا الحديث لم يسأل السائل عن اسمه أو ما يعرف به؛ فيحمل الفعل على الاستحباب.

(68) قوله " يا رسول الله " فهم الصحابة منه كونه مؤمنا، فلم يخشوا منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(69) وفيه أيضا ـ في قوله " يا رسول الله " ـ الدليل على لزوم التأدب والاحترام مع اهل العلم والفضل والصلاح والخير، وأن ينادوا بأحبِّ أسمائهم إليهم؛ لأن السائل ـ وهو جبريل عليه السلام ـ نادى النبي صلى الله عليه وسلّم بأحبِّ أسمائه إليه وأعلاها، وذلك من التأدب منه معه واحترامه له.

(70) قوله " الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله " وقوله " الإيمان أن تؤمن بالله ... " فيه دليل على أن العالم إذا سئل بدأ من الجواب بما هو الأهم والآكد، وتقديم الملائكة على النبيين بالذكر ليس تقديم فضل، وإنما لأن الإيمان بالملائكة طريق إلى الإيمان بالرسل عليهم السلام؛ إذ هم سفراء الله إلى أصفيائه من خلقه.

(71) وقع في رواية النسائي والبيهقي " حتى سلّم في طرف البساط، فقال: السلام عليك يا محمد " فيه دليل على جواز مناداة المفضول للفاضل لحاجته أو في أمر أشكل عليه، مع لزوم الأدب ومراعاة الحُرْمة؛ لأن السائل نادى النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه متظافرون، وهم رضي الله عنهم أفضل الناس بعد النبيين عليهم السلام، فلم ينكر عليه واحد منهم رفع صوته.

وأشار إلى هذا المعنى الحافظ الجِهبِذ عبدالله بن أبي جمرة عند كلامه على حديث ابن عباس في ذكر وفد عبدالقيس وسؤالهم النبي صلّى الله عليه وسلم عن أمور الإيمان (67).

(72) ينبغي للسائل أو المستمع حين استماعه لجواب أو حديث، أن ينطقَ بما يُشعِر ـ من يحدثه ـ انتباهه وحضور قلبه، وهذا يظهر في قول جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم " صدقت " أكثر من مرّة.

(73) وفي مبالغة جبريل عليه السلام في تعمية أمره، حيث ظهر بمظهر الأعراب الجفاة، ونادى النبي صلى الله عليه وسلم باسمه من طرف البساط، وتخطى الرقاب حتى جلس بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم؛ دليل على لزوم الأخذ بالوسائل من أجل تحقيق المقاصد؛ إذ لو عَلِمَ الصحابة حقيقته، لربما انشغلوا به عن الفائدة التي جاء من أجلها.

(74) وفيه احتجاج الصحابة بالسنة الصحيحة في بيان العقائد، حيث استدل عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ـ وهو من علماء الصحابة وفقهائهم ـ بالسنة في الرد على زعم القَدَرية.

(75) وفيه قبول خبر الواحد لأن الذي أجاب يحيى بن يعمر وصاحبه واحد وهو ابن عمر رضي الله عنهما.

(76) تظهر فيه فصاحة النبي صلى الله عليه وسلم وبلاغته، حيث أجاب السائل بكلمات يسيرة، ولكنها تحمل في طياتها المعاني الغزيرة.

(77) دليل صدق النبي صلى الله عليه وسلم في قوله " أوتيت جوامع الكلم " فإن هذا الحديث على وجازته اشتمل على فوائد كثيرة، وعوائد وفيرة، حتى اعتبر أصلا لعلوم الشريعة.

قال القرطبي: هذا الحديث يصلح أن يقال له أم السنة , لما تضمنه من جمل علم السنة.

وقال الطيبي: لهذه النكتة استفتح به البغوي كتابيه " المصابيح " و " شرح السنة " اقتداء بالقرآن في افتتاحه بالفاتحة , لأنها تضمنت علوم القرآن إجمالا.

وقال القاضي عياض: اشتمل هذا الحديث على جميع وظائف العبادات الظاهرة والباطنة من عقود الإيمان ابتداء وحالا ومآلا ومن أعمال الجوارح , ومن إخلاص السرائر والتحفظ من آفات الأعمال , حتى إن علوم الشريعة كلها راجعة إليه ومتشعبة منه (68).

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (69): ولهذا أشبعت القول في الكلام عليه , مع أن الذي ذكرته وإن كان كثيرا لكنه بالنسبة لما يتضمنه قليل , فلم أخالف طريق الاختصار.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير