والأمر في هذا سهل قريب، إلا أنه لما انتصرت فارس على الروم ساء ذلك المؤمنين، فلما انتصرت الروم على فارس فرح المؤمنون بذلك; لأن الروم أهل كتاب في الجملة، فهم أقرب إلى المؤمنين من المجوس، كما قال [الله] تعالى: (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين) [المائدة: 82، 83]، وقال تعالى هاهنا: (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم).
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا صفوان، حدثنا الوليد، حدثني أسيد الكلابي، قال: سمعت العلاء بن الزبير الكلابي يحدث عن أبيه، قال: رأيت غلبة فارس الروم، ثم رأيت غلبة الروم فارس، ثم رأيت غلبة المسلمين فارس والروم، كل ذلك في خمس عشرة سنة.
[ص: 305] وقوله: (وهو العزيز) أي: في انتصاره وانتقامه من أعدائه، (الرحيم) بعباده المؤمنين.
وقوله: (وعد الله لا يخلف الله وعده) أي: هذا الذي أخبرناك به - يا محمد - من أنا سننصر الروم على فارس، وعد من الله حق، وخبر صدق لا يخلف، ولا بد من كونه ووقوعه; لأن الله قد جرت سنته أن ينصر أقرب الطائفتين المقتتلتين إلى الحق، ويجعل لها العاقبة، (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) أي: بحكم الله في كونه وأفعاله المحكمة الجارية على وفق العدل.
وقوله: (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون) أي: أكثر الناس ليس لهم علم إلا بالدنيا وأكسابها وشئونها وما فيها، فهم حذاق أذكياء في تحصيلها ووجوه مكاسبها، وهم غافلون عما ينفعهم في الدار الآخرة، كأن أحدهم مغفل لا ذهن له ولا فكرة.
قال الحسن البصري: والله لبلغ من أحدهم بدنياه أنه يقلب الدرهم على ظفره، فيخبرك بوزنه، وما يحسن أن يصلي.
وقال ابن عباس في قوله: (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون) يعني: الكفار يعرفون عمران الدنيا، وهم في أمر الدين جهال.
المكتبة الإسلامية على شبكة إسلام ويب
ـ[أحمد الأقطش]ــــــــ[16 - 05 - 10, 06:14 ص]ـ
السؤال:
متى نزلت هذه الايات؟؟
هل نزلت بمكة أم نزلت يوم بدر أم نزلت فى اليومين
سياقُ الآياتِ الكريماتِ والآثارُ المرويةُ ناطقٌ بنزول الآية بمكة. وأما ما رُوي أن الآية نزلت يوم بدر فوهم:
- حدَّثَ به عطيةٌ العوفيُّ عن أبي سعيد: ((لما كان يوم بدر ظهر الروم على فارس، فأعجب ذلك المؤمنين، فنزلت {الم غلبت الروم} .. الخ)) وهذا منكر. عطية ضعيف لا يُحتجّ به، وقد خالف المحفوظَ في هذه المسألة، إذ دخل عليه زمان نزول الآية في زمان تحقق وعد الله. وعطية إذا رَوَى في التفسير عن أبي سعيد، فالأشبه أنه عن الكلبي إنْ صحَّ ما رُوي بهذا الخصوص.
وحديثُ عطيةٍ مبنيٌّ على قراءة {غَلَبَت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيُغلَبون} وهي قراءة مخالفة لإجماع القرّاء، ومخالفة لوقائع التاريخ أيضاً إذ قَلَبَت هزيمةَ الروم نصراً ونَصْرَهم هزيمة! قال الطبري في تفسيره: ((والصوابُ من القراءة في ذلك عندنا الذي لا يجوز غيره: {الم غُلِبَت الروم} بضم الغين، لإجماع الحُجّة مِن القراء عليه)). اهـ
- وأما قول سفيان الثوري: ((سمعتُ أنهم ظهروا عليهم يوم بدر)) فهو متعلقٌ بزمان تحقق النصر لا بزمان نزول الآية الكريمة.
والله أعلى وأعلم
ـ[ياسر بن مصطفى]ــــــــ[16 - 05 - 10, 03:03 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم سامح النجار
جزاك الله خيرا أخي الكريم أحمد الأقطش
ـ[سامح النجار]ــــــــ[17 - 05 - 10, 06:19 ص]ـ
سياقُ الآياتِ الكريماتِ والآثارُ المرويةُ ناطقٌ بنزول الآية بمكة. وأما ما رُوي أن الآية نزلت يوم بدر فوهم:
- حدَّثَ به عطيةٌ العوفيُّ عن أبي سعيد: ((لما كان يوم بدر ظهر الروم على فارس، فأعجب ذلك المؤمنين، فنزلت {الم غلبت الروم} .. الخ)) وهذا منكر. عطية ضعيف لا يُحتجّ به، وقد خالف المحفوظَ في هذه المسألة، إذ دخل عليه زمان نزول الآية في زمان تحقق وعد الله. وعطية إذا رَوَى في التفسير عن أبي سعيد، فالأشبه أنه عن الكلبي إنْ صحَّ ما رُوي بهذا الخصوص.
وحديثُ عطيةٍ مبنيٌّ على قراءة {غَلَبَت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيُغلَبون} وهي قراءة مخالفة لإجماع القرّاء، ومخالفة لوقائع التاريخ أيضاً إذ قَلَبَت هزيمةَ الروم نصراً ونَصْرَهم هزيمة! قال الطبري في تفسيره: ((والصوابُ من القراءة في ذلك عندنا الذي لا يجوز غيره: {الم غُلِبَت الروم} بضم الغين، لإجماع الحُجّة مِن القراء عليه)). اهـ
- وأما قول سفيان الثوري: ((سمعتُ أنهم ظهروا عليهم يوم بدر)) فهو متعلقٌ بزمان تحقق النصر لا بزمان نزول الآية الكريمة.
والله أعلى وأعلم
بارك الله فيك أخى الكريم. كنت أرى ما رأيت فى رواية عطية و لكن تعجبت من تصحيح الألبانى رحمه الله لها و تعجبت اكثر لاعتماده على الرواية الثابته و أُشكل على الأمر
اخى ياسر بارك الله فيك
¥