ومن العجيب أن ينكر مجمع الفقه الإسلامي في مكة على رئيس المحاكم الشرعية في قطر قوله: إنكم قبلتم شهادة من رأى الهلال يوم الاثنين، ونحن لم نره في قطر لا يوم الاثنين ولا يوم الثلاثاء، علما أن الجو كان صافيا، وقد جاء في الرد أنه لا تشترط رؤيتكم للهلال لا في اليوم نفسه ولا في اليوم الذي يليه، ولو كان ذلك دليلا على عدم صحة الرؤية لأخبرنا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3. أن يكون الفرق في إثبات الشهر بين منطقتين في العالم أكثر من يوم، وقد حدث هذا في بعض السنوات كسنة 1409هـ حيث صامت السعودية والكويت وقطر والبحرين وتونس وغيرها الخميس كلها برؤية السعودية، وصامت الأردن ومصر والعراق والجزائر والمغرب وغيرها الجمعة، وصامت باكستان والهند وإيران وعُمان السبت.
4. أن يشهد الشاهد بشيء مستحيل، كالحالات التي سبق ذكرها.
شروط الشاهد
لمعالجة احتمال الخطأ أو الكذب في الشهادة لا بد من اشتراط بعض الشروط:
1. أن يكون الشاهد عدلا أي مسلما بالغا عاقلا تقيا ذا مروءة وذلك لضمان عدم كذبه.
2. أن يتم التأكد من ضبطه من خلال مناقشته في شهادته، وسؤاله عن المكان والزمان الذي رأى فيه الهلال، وعن شكل الهلال، وعن موقعه من الشمس، وذلك لضمان عدم وقوعه في الخطأ.
وأما حديث الأعرابي الذي يستدل به البعض على قبول شهادة الشاهد بمجرد كونه مسلما ودون أن يكون عدلا ضابطا فهذا نصه: عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ الْهِلَالَ قَالَ أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ يَا بِلَالُ أَذِّنْ فِي النَّاسِ أَنْ يَصُومُوا غَدًا.
قَالَ أَبو عِيسَى (الترمذي) حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ اخْتِلَافٌ وَرَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ سِمَاكٍ رَوَوْا عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا.
ولذلك فهو حديث ضعيف لأمور:
أولها: أن الراجح فيه أنه حديث مرسل، فهو مردود عند كثير من العلماء، ولم تتوفر فيه شروط القبول عند من يقبل المرسل بشروط.
ثانيها: أنه يتعارض مع النصوص الأخرى التي تشترط في الشاهد في كل مجالات الشهادة دون استثناء العدالة والضبط.
ثالثها: أن رواية سماك عن عكرمة مضطربة.
مشكلات الإتمام:
يكون الإتمام عند عدم التمكن من رؤية الهلال مساء اليوم التاسع والعشرين، وفي القديم كانت هذه هي أفضل وسيلة - بعد الرؤية - لإثبات الشهر، بل هي الوسيلة الوحيدة عند المسلمين الأوائل الذين لم تكن لهم معرفة بالحساب والتقدير.
وقد كان الإتمام في العصور الإسلامية الأولى وبخاصة في غير فصل الشتاء قليلا نسبيا، لصفاء الجو، وخبرة الناس، واهتمامهم في مراقبة الهلال.
ولكن الإتمام في الدول الكثيرة الغيوم مشكلة كبيرة، فكثير من دول العالم يكون الجو غائما حتى في الصيف، وأما في الشتاء فلا تكاد الشمس تُرى، فكيف تمكن رؤية الهلال الصغير في الأفق؟ وهم في هذه الحالة بين أمور ثلاثة هي:
1. إكمال الشهر لعدم الرؤية، والمشكلة هنا أن هذا يتكرر، وسيضطرون لإتمام عدة شهور متوالية أحيانا، وهذا سيجعل الخطأ يتراكم شهرا بعد شهر حتى يصل في بعض الحالات إلى عدة أيام.
2. أن يأخذوا برؤية غيرهم ولا يعتدون باختلاف المطالع، وهذا أمر مختلف فيه، ولا توافق عليه بعض المذاهب، ولم يرد في هذا الموضوع إلا حديث واحد هو حديث كريب الذي يدل على وجوب أن يصوم كل بلد حسب المطلع الخاص به.
3. أن يأخذوا بالتقدير والحساب أخذا بالحديث الصحيح (إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ).
فوائد التقدير
إذا أنعمنا النظر في التقدير والحساب وجدناه خاليا من المشكلات التي نجدها في غيره، بل إننا نجد فيه فوائد متعددة تدل على أهميته، ومن أهمها:
1. أنه ينهي الخلاف المستمر المتكرر بين المسلمين في بداية الأشهر القمرية وبخاصة لشهري رمضان وشوال.
¥