تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ وقال في الفتح شرح ح [5282]: وحاول بعض الحنفيّة ترجيح رواية من قال: كان حُرّاً على رواية من قال: كان عبداً، فقال: الرِقُّ تعقُبُه الحريّة بلا عكس، وهو كما قال، لكن محلّ طريق الجمع إذا تساوت الرّوايات في القوّة أمّا مع التفرد في مُقابلة الاجتماع فتكون الرِّواية المُنفرِدة شاذّة والشّاذ مردود، ولهذا لم يعتبِر الجمهور طريق الجمع بين الرِّوايتين مع قولهم: إنّه لا يُصار إلى التّرجيح مع إمكان الجمع. والذّي يتحصّل من كلام مُحقِّقيهم وقد أكثر منه الشّافعي ومن تبِعه أنّ محلّ الجمع إذا لم يظهر الغلط في إحدى الرِّوايتين ومنهم من شرط التّساوي في القوّة. اهـ

ـ قلتُ: العلماء الذّين شرطوا تعذّر الجمع بين الأصل والزّيادة للحكم بالشّذوذ وصفهم الحافظ ابن حجر رحمه الله بأنّهم الجمهور؛ فالسّؤال الذّي يَرِدُ بقوّة هنا هو: من هؤلاء الجمهور آجمهور المحدّثين أم جمهور الفقهاء والأصوليّين؟ محلّ بحث ينتظِر الإجابة.

ـ وأُضيفُ: الذّي قرّره الحافظ هنا من أنّ محلّ طريق الجمع إذا لم يظهر الغلط في إحدى الرّوايتين، وأنّه لا يُصار إلى التّرجيح مع إمكان هذا الجمع،وأنّه مذهب الجمهور هو عين ماذكره رداًّ على العلماء الذّين انتقدوا بعض ما في الصّحيحين. قال الحافظ في هدي السّاري ص507: القسم الثّالث منها: ما تفرّد به بعض الرواة بزيادة فيه دون من هو أكثر عدداً أو أضبط ممّن لم يذكرها، فهذا لا يؤثِّر التّعليلُ به إلاّ إن كانت الزِّيادة منافيةً بحيث يتعذّر الجمع. أمّا إن كانت الزّيادة لا منافاة فيها بحيث تكون كالحديث المُستقِلّ فلا، اللهمّ إلاّ إن وضح بالدّلائل القويّة أنّ تلك الزّيادة مُدرجة في المتن من كلام بعض روّاته، فما كان من هذا القسم فهو مؤثّر كما في الحديث الرّابع والثّلاثين. اهـ.

ـ فيتحصّل من كلام الحافظ أنّ الأصل عند الجمهور هو قبول الزّيادة وذلك بشروط:

ـ 1 ـ أن لا تكون مُنافية بحيث يتعذّر الجمع.

ـ 2 ـ أن لا يتّضح بالدّلائل والقرائن المُعتبرة أنّها غلط.

ـ 3 ـ وهو شرط عند البعض منهم "التّساوي في القوّة". والله أعلم.

ـ قال الإمام البخاري في صحيحه: باب إثم المارّ بين يديّ المُصلّي. حدّثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك عن أبي النَّضر مولى عمر بن عبيد الله عن بُسر بن سعيد أنّ زيد بن خالد أرسله إلى أبي جُهيْم يسأله ماذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلّم في المار بين يدي المُصلّي، فقال أبو جُهيْم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: لو يعلم المارّ بين يديّ المُصالّي .... الحديث.

ـ قال الحافظ في الفتح 1/ 755 شارحاً: قوله: [باب إثم المارّ بين يديّ المُصلّي] أورد فيه حديث بسر بن سعيد أنّ زيد بن خالد ـ أي الجهني الصحابي ـ أرسله إلى أبي جهيم أي ابن الحارث بن الصمة الأنصاري الصّحابي الذّي تقدّم حديثه في: باب التيمم في الحضر. هكذا روى مالك هذا الحديث في الموطأ لم يُختلَف عليه في أنّ المُرسِل هو زيد، و أنّ المُرسَل إليه هو أبو جهيم، وتابعه سفيان الثّوري عن أبي النضر عند مسلم وابن ماجه وغيرهما، وخالفهما ابن عيينة عن أبي النّضر فقال: عن بسر بن سعيد قال: أرسلني أبو جهيم إلى زيد بن خالد أسأله. فذكر الحديث. قال ابن عبد البر: هكذا رواه ابن عيينة مقلوباً، أخرجه ابن أبي خيثمة عن أبيه عن ابن عيينة، ثمّ قال ابن أبي خيثمة: سُئِل عنه يحيى بن معين فقال: هو خطأ، إنّما هو أرسلني زيد إلى أبي جهيم كما قال مالك. وتَعقَّب ذلك ابن القطّان فقال: ليس خطأ ابن عيينة فيه بمُتعيِّن، لاحتمال أن يكون أبو جهيم بعث بسراً إلى زيد، وبعثه زيد إلى أبي جهيم يستثبت كلّ واحد منهما ما عند الآخر. قلت [القائل هو الحافظ]: تعليل الأئمّة للأحاديث مبني على غلبة الظنّ، فإذا قالوا أخطأ فلان في كذا لم يتعيّن خطؤُهُ في نفس الأمر، بل هو راجح الاحتِمال، فيُعتَمَد. ولولا ذلك لما اشترطوا انتفاء الشّاذ، وهو ما يُخالف الثّقة فيه من هو أرجح منه في حدّ الصّحيح. انتهى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير