6 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ? ((لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب)) أخرجه مسلم.
7 - وللبخاري: ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه)).
8 - ولمسلم: ((منه)). ولأبي داود: ((ولا يغتسل فيه من الجنابة)).
الشرح:
هذا النهي من النبي ? لا يدل على أن الإنسان إذا بال في الماء أنه يتنجس، قد يكون الماء كثيراً جداً وإذا بال فيه فإنه لا ينجس.
ولكن الحكمة في ذلك لئلا يُقذَّر هذا الماء من جهة ولئلا يكون وسيلة إلى تنجيسه، فإذا بال هذا والثاني والثالث وكثر البول فقد يتغير بالنجاسة.
والبول في الماء الدائم أمر مستقذر فالنفوس السليمة والفطر السوية تنفر من هذا الماء الذي فيه البول ولو كان الماء كثيراً، وكذلك الجنب إذا اغتسل في هذا الماء وفيه بقايا المني فإن الإنسان أيضاً يستقذر من ذلك ويأنف أن يشرب وأن يستفيد من هذا الماء الذي اغتسل فيه هذا الجنب، فالواجب عليه إذا أراد أن يبول أن يخرج وأن يبول خارج الماء، والجنب يجب عليه أن يغترف من الماء ويغتسل، يأخذ بإناء ويغتسل خارج الماء، فإن لم يكن معه إناء تناوله بيده كما قال أبو هريرة رضي الله عنه لما قيل له: يا أبا هريرة كيف يصنع؟ قال: يتناوله تناولاً.
9 - وعن رجل صحب النبي ? قال: نهى رسول الله ? أن تغتسل المرأة بفضل الرجل أو الرجل بفضل المرأة وليغترفا جميعاً. أخرجه أبو داود والنسائي وإسناده صحيح.
الشرح:
ورد النهي عن الوضوء وورد النهي عن الغسل، والوضوء والغسل جنس واحد هذه طهارة كبرى وهذه طهارة صغرى فإذا نُهي عن هذا نُهي عن هذا، فجاءت الروايات بالنهي عن الغسل والنهي عن الوضوء، وجاء في أحاديث أخرى كما سيذكر المؤلف أن النبي ? اغتسل بفضل ميمونة، رواه مسلم. ولما أراد أن يغتسل من إناء اغتسلت منه إحدى زوجاته قالت: يا رسول الله إني كنت جنباً. فقال ? ((إن الماء لا يجنب)).
والأصل في النهي التحريم، ولكن فعل الرسول ? يكون صارفاً لهذا النهي من التحريم إلى الكراهة. وهذه قاعدة معروفة إذا نهى النبي ? عن شيء ثم فعله فإن هذا الفعل يكون صارفاً للنهي من التحريم إلى الكراهة، وهذه هي القاعدة الصحيحة في الجمع بين الأحاديث.
وأما ما ذهب إليه الشوكاني رحمه الله من قوله: إن الفعل يكون خاصاً فهذه قاعدة ضعيفة وجرى عليها في شرحه للمنتقى، إذا تعارض النهي مع الفعل جعل النهي للتحريم والفعل خاصاً، وهذا مسلك ضعيف، وهو مخالف لقول الله تعالى (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) فالأصل أن أفعاله ? تشريع وقد قال ? ((صلوا كما رأيتموني أصلي))، وإذا نهاهم عن شيء فقالوا: يا رسول الله لست مثلنا غضب عليه الصلاة والسلام ويقول ((إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي)) متفق عليه، وفي رواية ((أتقاكم لله وأشدكم له خشية))، فهذا يدل على أنه ? يبين لأصحابه أنه مثلهم وأنه يتقي الله كما يتقون.
ولذا فإن ادعاء الخصوصية يحتاج إلى دليل، والأصل هو التشريع ومن ادعى أن هذا الفعل أو أن هذا القول خاص بالنبي ? فعليه الدليل، فإذاً القاعدة الصحيحة في الجمع هو أن يقال: إن النهي الأصل فيه التحريم والفعل يدل على أن النهي للكراهة، كذلك الأمر الأصل فيه الوجوب وإذا أمر بشيء ثم تركه دل الترك على أن الأمر للاستحباب، وهذا هو الذي يحصل به الجمع بين النصوص. وإعمال الدليل أولى من إهماله والذي ذهب إلى هذا المذهب قد أعمل النصوص جميعاً ولم يُعْمِل بعضها دون بعض.
وأما الطريقة التي سار عليها الشوكاني ففيها إهمال لهذه النصوص، فهو يدَّعي أنه خاص فيهمله وهذا لا يصح.
فالنهي للكراهة، فالأولى والأحسن أن الرجل لا يتطهر بفضل المرأة، فإذا اغتسلت المرأة أو توضأت من إناء فيه ماء وبقي في هذا الإناء شيء من الماء، فإن الأولى أن يتركه وأن يطلب ماءً آخر، وكذلك المرأة إذا بقي ماء من الرجل فالأولى لها تركه.
والعلماء لم يذكروا حكمة واضحة، ولذلك قالوا: الحكمة هنا تعبدية، فالله أعلم.
10 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ? كان يغتسل بفضل ميمونة رضي الله عنها. أخرجه مسلم.
¥