11 - ولأصحاب السنن اغتسل بعض أزواج النبي ? في جفنة فجاء ليغتسل منها، فقالت إني كنت جنباً، فقال ((إن الماء لا يُجْنِب)) وصححه الترمذي وابن خزيمة.
الشرح:
المذهب أن الرجل لا يجوز له أن يتطهر بالماء الذي خلت به امرأة عن نظر مميِّز. وهذا لا دليل عليه وإنما أخذوه من قول الصحابي عبدالله بن سرجس رضي الله عنه، واشتراط الخلوة بالماء ليس عليه دليل.
فالقول الثاني هو الأصح في هذه المسألة وأنه يكره مطلقاً سواءً خلت به أم لم تخل به. والخلوة هنا ليس عليها دليل، والنبي ? ما استثنى هذا، وإنما نهى مطلقاً أن يتوضأ الرجل بفضل المرأة وأن تتوضأ المرأة بفضل الرجل.
12 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ? ((طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب)). أخرجه مسلم. وفي لفظ له ((فليرقه)). وللترمذي ((أولاهن أو أخراهن)).
الشرح:
جاءت عدة روايات بعضها ((أولاهن بالتراب)) وبعضها ((أخراهن بالتراب)) وفي رواية ((وعفروا الثامنة بالتراب)).
ولكن الأَولى أن يكون التراب في الغسلة الأُولى. قال ابن حجر رحمه الله: لأن أكثر الروايات على هذا.
أكثر الروايات على أنها الأُولى. وفيه فائدة أخرى أنَّ جعل التراب في الأولى أسرع في التطهير فلو وضع التراب مع الغسلة الأولى ثم غسله الثانية وتطاير الماء على إناء آخر فإنه لا يحتاج إلى أن يغسله بالتراب مرة ثانية لأن التراب كفى في هذه الغسلة الأُولى، فهذا يكون أَولى وأسرع في إزالة هذه النجاسة المغلظة، فيكون المترجح أن يجعل التراب في الأولى.
لكن لو جعله في الثانية أو في الثالثة أو في الرابعة أو في الخامسة أو في السادسة أو في السابعة فلا حرج، المهم أن يكون التراب مع أحد هذه الغسلات، وفي رواية مسلم: ((وعفروه الثامنة بالتراب)) فلو غسله ثامنة فلا بأس.
وقال بعض أهل العلم: إنه ليس المراد ثماني غسلات وإنما المراد أن يجعل التراب في السابعة فتكون غسلتين باعتبار التراب مع الماء، التراب شيء والماء، فتكون غسلتين.
ولكن هذا فيه بُعْد وتكلف، والأَولى إجراء الحديث على ظاهره فيقال: إن النبي ? بيَّن أن السبع كافية وأن من زاد ثامنة فلا حرج، فالأولى إجراء الحديث على ظاهره ولا حاجة إلى هذا التكلف في تأويل هذا الحديث.
واختلف أهل العلم في بقية جسد الكلب، فإذا أدخل الكلب جزءاً من جسده في الإناء غير لسانه فهل يغسل سبعاً أم لا؟.
أكثر أهل العلم على أنه يجب غسله سبعاً وأن الولوغ هو مجرد مثال وأن هذا يتعلق بالكلب فلو بال فيه أو وقع في الإناء شيء من عرقه فإنه يكون كذلك، وإنما الولوغ خرج مخرج التمثيل.
وبعض أهل العلم يرى أن هذا خاص بالولوغ لا سيما الذين يرون أن الحكمة وجود الدودة الشريطية في فم الكلب فهي موجودة في برازه، فإذا تبرَّز لعق دبره بلسانه فتنتقل إلى فمه.
ولكن الأحوط أن يغسله سبعاً، لأنه إذا غسله سبعاً خرج من هذا بيقين، وإذا غسله مرة أو مرتين أو ثلاثاً فإن هذا الإناء على قول جمهور أهل العلم لم يطهر. فالأحوط للإنسان أن يأخذ بالعزيمة، إذا تعارضت الأقوال وليس هناك دليل واضح يرجح أحدها فالأولى هو الاحتياط.
هذا بالنسبة للكلب، أما بالنسبة للخنزير فإن الصحيح أنه لا يُغسل سبعاً، فهذا خاص بالكلب لأن الخنزير كان موجوداً في عهد النبي ? والله تعالى ذكره في القرآن، فلو كان الخنزير له هذا الحكم لذكره النبي ?، والقياس لا يصح، إذا كان الشيء موجوداً على عهد النبي ? ولم يذكره فإنه لا قياس، وإنما القياس يكون فيما جدَّ وما حدث بعد النبي ?.
وكذلك القول الصحيح أن غير التراب لا يكفي كالأشنان والصابون والمنظفات لا تكفي. ويقولون في الطب: إن التراب فيه خاصية في قتل هذه الدودة والقضاء عليها.
وإذا ثبت هذا فإنه يزيد المؤمن إيماناً، فإذا عرف الإنسان الحكمة ازداد بصيرة وازداد نوراً وإذا لم يصح هذا الكلام فإنه لا يضر الحديث.
المقصود أن غير التراب لا يكفي لأن الأشنان كان موجوداً على عهد النبي ?، ولم يقل نظِّفُوا الإناء بالأشنان أو بكذا أو بأي مزيل وإنما قال ((إحداهن بالتراب)).
¥