تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويجوز استعماله في غير المائع.

ولكن هذا القول ضعيف ومخالف لهذه الأحاديث الصحيحة، فالنبي ? نص على طهارته قال ((دباغه طهوره)) وقال ? ((أيما إهاب دبغ فقد طهر)) وقال ? ((إذا دبغ الإهاب فقد طهر)) وقال ? ((يطهره الماء والقرظ)) فالأحاديث كثيرة وواضحة في أنه يطهر.

وإذا طهر الإهاب بالدباغ فإنه يستعمل في المائع وفي غيره والنبي ? توضأ من مزادة امرأة مشركة كما في حديث عمران في الصحيحين، والمشركون ذبائحهم حرام وميتة ولا تحل، ولكن لما دبغوا هذا الإهاب وجعلوه سقاءً توضأ منه النبي ?، ولو كان نجساً ما توضأ منه.

فالمقصود أن الأحاديث الكثيرة دلت على طهارته. فجلد ما يؤكل لحمه لا إشكال في طهارته وأنه طاهر ويستخدم في المائع وغيره وهذا واضح.

ولكن الخلاف في جلد ما لا يؤكل لحمه إذا دُبِغ فهل يطهر أم لا؟ كجلد الثعلب والنمر وما شابه ذلك من السباع التي لا تؤكل هل يطهر بالدباغ أم لا؟.

بعض العلماء قال يطهر أخذاً بعموم هذا الحديث ((أيما إهاب دبغ فقد طهر)) وهذا عام.

والقول الثاني: أن هذا العام مخصوص بما يؤكل لحمه وأما ما لا يؤكل لحمه فإنه لا يطهر لا بالدباغ ولا بغيره ودليل ذلك حديث سلمة بن المحبق رضي الله عنه عند النسائي، وجاء عن عائشة رضي الله عنها قال ? ((دباغه ذكاته)) فجعل الدباغ قائماً مقام الذكاة، والذي لا تطهره الذكاة وهي الأصل فمن باب أولى أنه لا يطهره الدباغ، لأن الدباغ فرع والذكاة هي الأصل والنبي ? قال ((دباغه ذكاته)) يعني أن الدباغ يطهِّر كما تطهِّر الذكاة، فالذي لا تطهره الذكاة كالحمار والكلب والخنزير والسباع والثعالب والقطط والحيات والنمور والأسود، فالدباغ من باب أولى. وهذا القول هو الراجح أن ما لا يؤكل لحمه لا يطهر جلده بالدباغ.

ومن هنا نعلم أن الذين يتخذون هذه الأشياء من جلود الحيات أو النمور أو ما شابهها يضعونها في الساعات أو النعال أن هذا لا يجوز، لأنها نجسة ولا تطهر بالدباغ.

وجلود السباع قد جاء فيها نص خاص في سنن أبي داود أن النبي ? نهى عن جلود السباع أن يركب عليها، وفي رواية نهى عن جلود النمار فجلود السباع لا يجوز أن تتخذ فرشاً يجلس عليها. ومن أسباب النهي ما فيها من التشبه بالأعاجم، فقد كانوا يضعونها على المراكب، وفيها علو وفخر ولذا نهى النبي ? عنها.

فصار النهي عن جلود السباع لثلاثة أمور: الأول: لأنها لا تطهر بالدباغ. والثاني: لما فيها من الكبر والعلو. والثالث: لما فيها من التشبه بالأعاجم.

23 - وعن ميمونة رضي الله عنها قالت: مرَّ النبي بشاة يجرونها فقال ((لو اتخذتم إهابها)) فقالوا: إنها ميتة فقال ((يطهرها الماء والقرظ)) أخرجه أبو داود والنسائي.

الشرح:

وفيه هنا مسألة مختلف فيها وهي إذا دُبغ الإهاب فهل يجوز بيعه أم لا؟ من العلماء من قال لا يجوز بيعه لأنه جزء من الميتة والنبي ? في حديث جابر في الصحيحين لما خطب يوم الفتح قال ((إن الله ورسوله حرما بيع الميتة والخنزير والخمر والأصنام)) فالله ورسوله حرما بيع الميتة وهذا جزء منها فكيف يباع وهو جزء منها.

ومنهم من أجازه وقال المراد بالميتة التي نهي عن بيعها هي تلك الميتة الخبيثة النجسة وأما هنا فقد تغير الأمر فالجلد لما طهر وجاز استعماله صار طيباً نافعاً والإسلام لا ينهى عن بيع الشيء الطاهر الطيب وإنما ينهى عن بيع الخبيث النجس، ومما يؤيد هذا أن الإنسان لو وجد ميتة فأخذ صوفها فلا إشكال في جواز بيعه، مع أنه جزء من أجزاء الميتة.

وبيع الجلد قبل الدبغ أيضاً محل خلاف، والأحوط أن لا يبيعه حتى يدبغه، ولكن لو باعه على من يدبغه فلا بأس لأنه صار شيئاً نافعاً وفي طريقه إلى التطهير كالثوب المتنجس ما دام أنه يمكن تطهيره فلا بأس في بيعه لأن هذا الذي اشتراه سيطهره وينتفع به، مثل لو أن إنساناً باع ثوباً نجساً على شخص وأخبره بنجاسته فيجوز للمشتري أن يشتريه ويغسله ويطهره.

24 - وعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم؟ قال ((لا تأكلوا فيها إلا أن لا تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها)) متفق عليه.

الشرح:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير