هذا الحديث فيه رجل متروك، ويغني عنه حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه غسل يديه حتى أشرع في العضد، فهذا دليل على أنه لا بد أن يغسل المرفق.
وهنا سؤال: هل المرفق داخل لأن الله تعالى يقول (وأيديكم إلى المرافق) والمعروف أن ما بعد (إلى) لا يدخل كما في قوله تعالى (ثم أتموا الصيام إلى الليل) فالغاية التي بعد (إلى) لا تدخل إلا بدليل. ولكن الدليل دل هنا على أن المرفق داخل وكذلك الكعبان داخلان في غسل القدم قال تعالى (وأرجلكم إلى الكعبين) فالأصل أن ما بعد (إلى) لا يدخل، ولكن دلت السنة الصحيحة على أنه داخل، فأبو هريرة رضي الله عنه غسل يديه حتى أشرع في العضد وغسل رجليه حتى أشرع في الساق، وقال رضي الله عنه: هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ. رواه مسلم.
55 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله e (( لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)) أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه بإسناد ضعيف.
56 - وللترمذي عن سعيد بن زيد وأبي سعيد رضي الله عنهما نحوه. قال أحمد: لا يثبت فيه شيء.
الشرح:
أحاديث التسمية كثيرة قرابة عشرة أحاديث أو أكثر، لكنها كلها معلولة. قال الإمام أحمد: لا يصح في هذا الباب شيء.
ولو صح هذا الحديث لكانت التسمية شرطاً وأن الذي لا يسمي وضوؤه باطل فيجب عليه أن يعيد الوضوء ويعيد الصلاة، فلو صح هذا الحديث لكانت التسمية شرطاً لا يصح الوضوء إلا بها ولا تصح الصلاة إلا بوضوء، ومن ترك التسمية لا يصح وضوؤه ومن ثم لا تصح صلاته.
ولكن هذه الأحاديث فيها ضعف، وأيضا فالأحاديث الصحيحة كحديث عثمان وحديث علي وحديث عبدالله بن زيد رضي الله عنهم التي تقدمت تدل على عدم اشتراط التسمية لأن الذين ذكروا وضوء النبي e لم يذكروا التسمية، فعثمان دعا بوضوء فبدأ فغسل كفيه ولو كان النبي e يسمي عند الوضوء لنقله هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم الذين اعتنوا بوضوء النبي e وضبطوه ونقلوه، فهذا مما يؤيد ضعف هذه الأحاديث وأنها لا تصح.
وبعض أهل العلم قال: إنها تتقوى بمجموعها. قال ابن حجر: إن مجموعها يحدث قوة.
وهذه القوة التي يحدثها المجموع يضعفها عدم ذكر التسمية في الأحاديث الصحيحة الثابتة، ولذلك فالذين قالوا: إن التسمية واجبة لم يأخذوا بظاهر هذا الحديث، وهذا يدل على أن الحديث فيه ضعف حتى عندهم لأنه لو صحت هذه الأحاديث لصارت التسمية شرطاً، والشرط أقوى من الواجب فالواجب يصح العمل بتركه مع الإثم وأما الشرط فإنه لا يصح، فظاهر الحديث - لو صح - أنها شرط ((لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)) فيبعد أن أمراً بهذه الأهمية وهذه المثابة ويتوقف عليه صحة الوضوء ثم لا يذكره الذين نقلوا وضوء النبي e وهم نقلوا ما هو دون ذلك، نقلوا السنن كتخليل الأصابع وتخليل اللحية وتعاهد المأقين وما شابه ذلك من الأمور الدقيقة فلو كان هذا واجباً لنقلوه فإنه أعظم.
والأولى للإنسان أن يسمِّي احتياطاً، لكن من نسي التسمية أو تركها تساهلاً فإننا لا نحكم ببطلان وضوئه ولكن يقال سمِّ احتياطاً.
ومنهم من قال: إن التسمية تثبت بدليل آخر وهو ما رواه النسائي أن النبي e قال ((توضؤوا باسم الله)) لما نبع الماء من بين أصابعه الشريفة عليه الصلاة والسلام فقالوا: إن هذا يدل على مشروعية التسمية وأنها سنة.
لكن هذا لا دلالة فيه كما ذكره ابن حجر رحمه الله لأنه e قال ((توضؤوا باسم الله)) ولم يقل توضؤوا واذكروا اسم الله، بل قال ((توضؤوا باسم الله)) فهو الذي سمى e ليتوضؤوا، كما قال e في حديث بريدة رضي الله عنه في صحيح مسلم ((اعزوا باسم الله)) فلا يجب على من أراد الغزو أن يقول باسم الله عند الغزو، وقوله ((اغزوا باسم الله)) أي على بركة الله كأنه قال هنا توضؤوا على بركة الله.
57 - وعن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله e يفصل بين المضمضة والاستنشاق. أخرجه أبو داود بإسناد ضعيف.
الشرح:
قال ابن القيم رحمه الله: إنه لا يصح في الفصل شيء، وإنما السنة أن يجمع بين المضمضة والاستنشاق إن تيسر، وإن شق عليه فالأمر واسع.
58 - وعن علي رضي الله عنه – في صفة الوضوء – ثم تمضمض e واستنثر ثلاثاً يمضمض ويستنثر من الكف الذي يأخذ منه الماء. أخرجه أبو داود والنسائي.
¥