تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

74 - وللبخاري ((ثم توضئي لكل صلاة)) وأشار مسلم إلى أنه حذفها عمداً.

الشرح:

مسلم رحمه الله يرى أن هذه الزيادة شاذة لأنه انفرد بها بعض الرواة، ولكن بيَّن ابن حجر رحمه الله في فتح الباري أنها ليست شاذة وأنه رواها جمع.

ومنها أخذ العلماء أن من به حدث دائم كسلس البول وما شابهه من الأحداث الدائمة أنه يغسل عنه الحدث، فصاحب سلس البول مثلاً يضع ما يقلل انتشار البول في ثيابه، يضع مناديل أو يضع أشياء تمنع انتشار البول، لأن الواجب عليه إزالة النجاسة، فإن لم يستطع فالواجب عليه تخفيفها ما استطاع، وإذا دخل وقت الصلاة فإنه يزيل هذه المناديل ويغسل ما أصابه البول من ثيابه ويستنجي ويتوضأ ثم يصلي هذه الفريضة وما شاء من النوافل إلى الفريضة الأخرى إلى الوقت الثاني لقول النبي ? للمستحاضة ((توضئي لكل صلاة)).

وبعض العلماء حمل هذا الحديث على ظاهره وقال إنه لا يجوز له أن يجمع بين الصلاتين إلا إذا توضأ، فإذا أراد أن يجمع بين الظهر والعصر فإنه يصلي الظهر ثم يتوضأ ثم يصلي العصر.

لكن هذا ليس هو المراد، وإنما المراد أن يتوضأ لكل صلاة أي لوقت الصلاة، لرواية الترمذي ((وتوضئي وقت كل صلاة)).

وكان الواجب في أول الأمر الوضوء لكل صلاة كما جاء في سنن أبي داود عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ? أمر بالوضوء لكل صلاة طاهراً وغير طاهر فلما شق ذلك عليهم أمر بالسواك لكل صلاة فكان ابن عمر يرى أن به قوة فكان لا يدع الوضوء لكل صلاة. والنبي ? كان يتوضأ لكل صلاة كما ثبت في صحيح مسلم من حديث بريدة رضي الله عنه أن النبي ? صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد، فقال عمر: يا رسول الله صنعت اليوم شيئاً لم تكن تصنعه، فقال ? ((عمداً صنعته يا عمر)) فصلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد ليبين الجواز ?.

وعلى هذا حمل ابن رجب رحمه الله في فتح الباري شرح صحيح البخاري قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم) فقال رحمه الله: إنها على ظاهرها وإن الوضوء وجب أول الأمر لكل صلاة حتى جاء التخفيف وصار الإنسان يصلي بالوضوء ما شاء ما لم يحدث.

وبعض العلماء أشكل عليهم سياق هذه الآية وقدروا (إذا قمتم إلى الصلاة) أي من النوم لأن الإنسان لا يجب عليه أن يتوضأ كلما قام إلى الصلاة ما دام على طهارة. ولكن هذا ليس بظاهر ولا خصوص للنوم عن بقية الأحداث.

وبعضهم قدَّر: إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم محدثون. وهذا أيضاً لا تدل عليه الآية.

وأحسن ما قيل في هذا هو ما قاله ابن رجب رحمه الله: إن هذا محمول على أول الأمر (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) هذا أمر عام سواء كان على طهارة أم لم يكن كلما قام إلى الصلاة المفروضة فإنه يتوضأ هذا كان أولاً ثم نسخ فصار الإنسان يصلي بالوضوء ما شاء ما لم يحدث.

ولكن النسخ نسخ للوجوب وأما الاستحباب فإنه باقٍ، فيستحب للإنسان أن يتوضأ عند كل صلاة ولو كان على طهارة، أما أن يجدد الوضوء وهو لم يصل فإن هذا بدعة ولا يجوز، لأن الله تعالى أمر بالوضوء مرة واحدة وهذا يعيد الوضوء أكثر من مرة، فإن هذا يشبه الذي يغسل العضو ست مرات لأنه غسله ثلاث مرات في الوضوء الأول ثم أعاد الوضوء وغسله ثلاثاً في الوضوء الثاني وهو لم يحدث ولم يصلِّ، فهو داخل في قول النبي ? بعدما توضأ ثلاثاً ((هذا الوضوء فمن زاد فقد أساء وظلم)) رواه أبو داود من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.

75 - وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كنت رجلاً مذاءً فأمرت المقداد أن يسأل النبي ? فسأله، فقال ((فيه الوضوء)) متفق عليه واللفظ للبخاري.

الشرح:

وفي رواية في الصحيحين الأمر بالوضوء، وفي رواية يغسل ذكره ويتوضأ، وزاد أبو داود في السنن بسند صحيح ((يغسل ذكره وأنثييه)) وغسل الأنثيين من أجل أن المذي يسيل على أنثييه وما حولهما في الغالب، فإذا حصل منه المذي فإنه يغسل ذكره ويغسل أنثييه وينضح ثيابه كما في سنن أبي داود، النضح جاء في سنن أبي داود وجاء عند الأثرم الرش كما ذكره الشوكاني في نيل الأوطار، فيجوز هذا وهذا.

والنضح أن يأخذ ماء بكفه ثم يصبه على ما أصابه المذي من ثيابه، والرش يأخذ ماءً ويرشه نقطاً متوالية على ثيابه.

وهذا يدل على أن نجاسة المذي مخففة وأنه ينقض الوضوء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير