78 - وعن طلق بن علي رضي الله عنه قال: قال رجل مسست ذكري أو قال: الرجل يمس ذكره في الصلاة أعليه الوضوء؟ فقال النبي ? ((لا، إنما هو بضعة منك)) أخرجه الخمسة وصححه ابن حبان وقال ابن المديني: هو أحسن من حديث بسرة.
79 - وعن بسرة بنت صفوان رضي الله عنها، أن رسول الله ? قال ((من مس ذكره فليتوضأ)) أخرجه الخمسة وصححه الترمذي وابن حبان، وقال البخاري: هو أصح شيء في هذا الباب.
الشرح:
هذا من النواقض المختلف فيها، وللعلماء فيه ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن مس الذكر لا ينقض الوضوء لحديث طلق رضي الله عنه وهو حديث صحيح، ومن زعم أنه منسوخ فعليه الدليل، وليس هناك دليل على النسخ، وكونه جاءه والنبي ? يبني مسجده لا يعني هذا أنه منسوخ لأنه وإن رواه متقدماً فإن حديث بسرة قد يكون قبله وقد يكون طلق سمعه من غير النبي ?، فنقله عن صحابي آخر متأخر الإسلام فلا يثبت النسخ إلا بشرطين: تعذر الجمع ومعرفة التاريخ، والشرطان هنا لم يتحققا فالجمع ممكن والتاريخ غير معلوم وإعمال الدليل أولى من إهماله. فالقول الأول أن مس الذكر لا ينقض الوضوء وإنما يستحب.
القول الثاني: التفصيل، فإن مس ذكره بشهوة وجب الوضوء وإن مسه بغير شهوة فلا يجب، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
القول الثالث: وهو الذي عليه أكثر أهل العلم أنه ينقض للأحاديث الكثيرة كحديث بسرة رضي الله عنها وما جاء في معناه وحديث أبي هريرة رضي الله عنه وغيره، فإن هذا يروى عن قرابة عشرة من الصحابة أن النبي ? أمر بالوضوء من مس الذكر. وفي مسند الإمام أحمد يقول ? ((من أفضى بيده إلى ذكره من غير ستر فقد وجب الوضوء)) فهذا أيضاً فيه دلالة أنه من وراء الساتر لا ينقض الوضوء وإنما النقض إذا مسه من غير حائل فإنه يجب الوضوء.
فكثير من أهل العلم يرى النقض ويرى أن حديث طلق رضي الله عنه إما شاذ أو منسوخ لهذه الأحاديث الصحيحة الكثيرة ويقولون: إن حديث طلق لا يقاوم هذه الأحاديث الكثيرة الثابتة، ويؤيد هذا أن حديث طلق على البراءة الأصلية وحديث بسرة ناقل عنها فهو مقدم، وهذا هو الأرجح، والقول الأول قول قوي.
وأما التفصيل ما كان بشهوة وبغير الشهوة فإن هذا ليس عليه دليل، ولو أراده النبي ? لنص عليه ولقال ((من مس ذكره بشهوة فليتوضأ)) لكن لما أطلق دل على أنه لا فرق بين الشهوة وعدمها. فالنبي ? كلامه واضح فصل يفهمه كل من سمعه، ولو كانت الشهوة لها أثر في وجوب الوضوء لنص عليها.
ولكن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أراد أن يجمع بين النصوص وقال: حديث طلق ((وهل هو إلا بضعة منك)) هذا إذا لمسه بغير شهوة فإنه كمن لمس فخذه أو كمن لمس أي عضو من جسده، وأما حديث ((من مس ذكره فليتوضأ)) هذا فيمن مسه بشهوة لأن هذا مظنة خروج المذي.
وهذا وإن كان له حظ من النظر ولكن يقال: إن الدليل لا يدل عليه دلالة واضحة.
مسألة: هل يلحق بذلك ما عدا الذكر كالدبر والمرأة إذا مست فرجها؟.
الجواب: نعم، لأنه جاء في رواية عند الإمام أحمد وصححها ((من مس فرجه فليتوضأ)) والفرج يشمل القبل والدبر، وكذلك المرأة إذا مست ذكر الصبي الصغير، لأنه جاء في رواية عند الإمام أحمد ((ويُتَوضأُ من مس الذكر)) فهذا يدل أنه يَتَوضأ مِنْ مسِّ ذكر نفسه أو ذكر غيره، وحديث أبي هريرة قال ? ((من أفضى بيده إلى فرجه من غير ستر فقد وجب الوضوء)) ظاهره أنه لا ينقض إلا مسُّ ذكر نفسه، والرواية الثانية تدل على أنه ينقض مطلقاً لقوله ? ((ويُتوضأ من مس الذكر)) وهذا عام سواء ذكر نفسه أو غيره فالزوجة إذا مست ذكر زوجها مثلاً انتقض وضوؤها، وكذلك المرأة إذا مست ذكر صبيها أو دبره انتقض وضوؤها، فإن هذا يشمل نفس الشخص وغيره.
مسألة: هل المقصود بالمس مس الذكر بظاهر الكف أو باطنه؟.
الجواب: المس يشمل هذا وهذا بظاهر الكف أو باطنه أو بالحرف لأن هذا عام، والذراع لا يدخل في ذلك لأن اليد إذا أطلقت يراد بها الكف لقوله تعالى (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما)، وإذا أُريد بها غير ذلك قُيدت، كما في آية الوضوء (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق).
¥