تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

80 - وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ? قال ((من أصابه قيء أو رُعاف أو قلس أو مذي فليتوضأ ثم ليبن على صلاته وهو في ذلك لا يتكلم)) أخرجه ابن ماجه وضعفه أحمد وغيره.

الشرح:

وهذا الحديث ضعيف. قال الإمام أحمد رحمه الله: الصواب عن ابن جريج عن أبيه مرسلاً.

فهذه الأشياء لا تنقض، والقلس هو القليل من القيء، فالصحيح أن القيء لا ينقض، وإنما يستحب الوضوء منه لحديث ثوبان رضي الله عنه عند الترمذي أن النبي ? قاء فتوضأ. قال ثوبان رضي الله عنه: أنا صببت له وضوءه. فهذا يدل على أنه مستحب لأن الفعل المجرد لا يدل على الوجوب وإنما يدل على الاستحباب فهذه الأشياء القيء والرعاف وخروج الدم لا تنقض الوضوء لعدم صحة الدليل على ذلك، والأصل عدم النقض إلا بدليل صحيح.

والحجامة إذا خرج منه الدم فالسنة أن يغتسل، لحديث عائشة رضي الله عنها عند أبي داود أن النبي ? كان يغتسل من أربعة: من الجنابة والحجامة وللجمعة ومن تغسيل الميت.

وأما المذي فقد ثبت في حديث علي رضي الله عنه في الصحيحين وجوب الوضوء منه كما تقدم.

81 - وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن رجلاً سأل النبي ? أتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: (إن شئت) قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال (نعم). أخرجه مسلم.

الشرح:

هذا الحديث يدل على وجوب الوضوء من لحوم الإبل، وكذلك حديث البراء ابن عازب الذي رواه أبو داود بسند صحيح، فهذان حديثان صحيحان عن رسول الله ? يدلان على وجوب الوضوء من لحوم الإبل، وهذا مذهب الإمام أحمد رحمه الله خلافاً للثلاثة فهم يرون أن لحم الإبل لا ينقض، والعبرة بالدليل لا بالكثرة فإذا صح الدليل عن النبي ? فالواجب على المؤمن العمل به ولو كان الكثير من أهل العلم على خلاف ذلك.

وهذا الحديث وهو وجوب الوضوء من لحوم الإبل فيه دلالة على أنه بعد قول جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: كان آخر الأمرين من رسول الله ? ترك الوضوء مما مست النار، ففي حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه سئل النبي ? عن الوضوء من لحوم الغنم فقال ((إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ)) فدل هذا على أن الحديث خاص بلحوم الإبل دون غيرها مما مسته النار هذا وجه، والوجه الثاني أن المعنى يختص بلحوم الإبل وأنه يجب الوضوء منها ولو أكله نيئاً فإنه يجب أن يتوضأ لأن الحديث عام أنتوضأ من لحوم الإبل قال ((نعم))، فالنبي ? علَّق وجوب الوضوء بأكل لحوم الإبل ولم يشر إلى كونه مطبوخاً أو غير ذلك. وهذا هو القول الصحيح، وهو وجوب الوضوء من لحوم الإبل.

ولكن إذا صلى الإنسان خلف من لا يرى وجوب الوضوء من لحوم الإبل فصلاته صحيحة لأن هذه المسألة محل خلاف، والمسائل الخلافية التي يسع فيها الخلاف لا يضلل أحد فيها الآخر، فهذا الذي يعتقد أن لحوم الإبل لا تنقض الوضوء صلاته صحيحة بناء على اعتقاده وهذا الذي يرى أنه ينقض فإنه يأتم به ولا حرج.

واختلف العلماء الذين يرون النقض هل هذا خاص باللحم أو أنه يعم جميع أجزاء البعير من الكبد والطحال والأمعاء والكرش إلى غير ذلك من أجزاء البعير؟ والأقرب من أقوال أهل العلم أنه يعم، واللحم يطلق على اللحم الأحمر تغليبا وإلا فإنه يعم جميع الحيوان كما في قول الله تعالى (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير) ولا أحد يقول إن كبد الخنزير أو إن أمعاءه أو ما شابه ذلك حلال، والله تعالى نص على لحم الخنزير، فاللحم يطلق لأنه هو المقصود الأعظم من الأكل فيطلق تغليباً فالأقرب أنه يعم جميع أجزاء البعير سواءً أكله نيئا أو مطبوخاً كما لو أكل الكبد نيئة فإنه يجب عليه الوضوء وهذا هو الأحوط، فإنه لا يُعرف في الشريعة حيوان تتبعض أجزاؤه بعضها يحرم وبعضها يحل، بعضها ينقض وبعضها لا ينقض، فالحكم يكون لجميع الحيوان ولا فرق بين جزء وآخر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير