وهل الذي يحرم مس الورق أو مس الحروف؟. من نظر إلى ظاهر الحديث قال: إن المحرم هو مس الحروف لأنه قال ((لا يمس القرآن)) فالقرآن هو المقروء، ولكن يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، فالأحوط للإنسان أن لا يمس المصحف إلا وهو متطهر فإن احتاج فإنه يمسه بحائل منديل أو ثوب أو ما شابه ذلك.
84 - وعن عائشة رضي الله عنها قال: كان رسول الله ? يذكر الله على كل أحيانه. رواه مسلم وعلقه البخاري.
الشرح:
هذا الحديث يدل على أن الذكر لا تشترط له الطهارة ولكنها تستحب، لما ثبت في صحيح البخاري أن النبي ? لما جاء من بئر جمل وسلم عليه رجل أتى الحائط وتيمم ثم رد عليه السلام، زاد أبو داود قوله ? ((إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر)) وهذا يدل على أن الأفضل للإنسان إذا أراد أن يذكر الله أو أن يقرأ القرآن حفظاً أن يكون متطهراً، ولكن لو ذكر الله على غير طهارة فلا حرج حتى لو كان جنباً فإنه لا بأس أن يذكر الله لكنه لا يقرأ القرآن.
85 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ? احتجم وصلى ولم يتوضأ. أخرجه الدارقطني وليَّنه.
الشرح:
هذا الحديث ضعيف، فيه صالح بن مقاتل وفيه لين، ولكن الأصل أنه لا دليل صحيح على وجوب الوضوء من خروج الدم، والحجامة يستحب لها الغسل لحديث عائشة رضي الله عنها عند أبي داود والحديث له طرق يتقوى بها قالت: كان النبي يغتسل من أربع من الجمعة والحجامة والجنابة وتغسيل الميت. فهذا يدل على أنه يستحب لمن احتجم أن يغتسل، لأن الفعل المجرد لا يدل على الوجوب فيكون الأمر للاستحباب، فمن احتجم فإنه يستحب له أن يغتسل لأن الحجامة قد يعقبها الضعف بسبب خروج الدم فإذا اغتسل فإنه يستعيد نشاطه.
والحجامة لا تنقض الوضوء وكذلك خروج الدم من الأنف أو من أي مكان فإنه لا دليل صحيح على أنه ناقض للوضوء والأصل عدم النقض فلا يثبت إلا بدليل صحيح.
86 - وعن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله ? ((العين وكاء السه، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء)) رواه أحمد والطبراني.
87 - وزاد ((ومن نام فليتوضأ)) وهذه الزيادة في هذا الحديث عند أبي داود من حديث علي دون قوله: ((استطلق الوكاء)) وفي كلا الإسنادين ضعف.
الشرح:
حديث علي حسَّنه بعض أهل العلم كالنووي والعراقي وابن الصلاح، وقال الإمام أحمد: هو أجود من حديث معاوية.
وهذا الحديث وإن كان فيه ضعف ولكن تشهد له الأحاديث الأخرى كحديث صفوان بن عسال رضي الله عنه الذي رواه الترمذي قال: أمرنا رسول الله ? إذا كنا سَفْرا – يعني مسافرين – أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام بلياليهن إلا من جنابة لكن من غائط وبول ونوم. فهذا الحديث يدل على أن النوم ناقض من نواقض الوضوء.
وهل هو حدث أو مظنة الحدث؟. النوم مظنة الحدث لدلالة هذا الحديث لأنه قال ((فإذا نامت العينان استطلق الوكاء)) فمن نام نوماً خفيفاً لا سيما إذا كان قاعداً متمكناً فإنه لا يجب عليه الوضوء كما كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلون، وكذلك إذا نام مضطجعاً ففي رواية أبي داود ((ويضعون جنوبهم)) لكنه محمول على النوم اليسير.
وفي رواية الترمذي أنه يكون لهم غطيط. والرواية أشكلت على بعض أهل العلم كيف يضع جنبه وينام نوماً عميقاً يصير له غطيط وهو الشخير ثم يقومون ويصلون ولا يتوضؤون. لكن إن ثبتت هذه اللفظة فإن هذا يُحمل على أنه قبل الأمر بالوضوء من النوم، فيُحمل على البراءة الأصلية والأحاديث التي جاءت بأن النوم ناقض أو مظنة الحدث وأنه يتوضأ أحاديث صحيحة وإذا تعارض حديثان أحدهما على البراءة الأصلية والثاني ناقل فإنه يُرجَّح الناقل ويحمل ذاك على البراءة الأصلية.
فالنوم مظنة الحدث ولا فرق بين القاعد والمضطجع فمن نام نوماً خفيفاً بحيث لو أحدث شعر بذلك فهذا ليس عليه وضوء أما إذا استثقل ونام نوماً عميقاً فإنه يجب عليه الوضوء لهذه الأحاديث التي صحت عن النبي ?. وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
88 - ولأبي داود أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً ((إنما الوضوء على من نام مضطجعاً)) وفي إسناده ضعف أيضاً.
الشرح:
وهذا ضعيف، قال أبو داود رحمه الله: هذا حديث منكر. فلا فرق بين المضطجع وغيره.
¥