ورواية أبي داود أن الصحابة كانوا ينامون ويضعون جنوبهم ويقومون ويصلون ولا يتوضؤون ترد هذا. فهذا الحديث ضعيف ولا يعارض الأحاديث الصحيحة.
89 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ? قال ((يأتي أحدكم الشيطان في صلاته فينفخ مقعدته فيخيل إليه أنه أحدث ولم يحدث فإذا وجد ذلك فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) أخرجه البزار.
90 - وأصله في الصحيحين من حديث عبدالله بن زيد.
91 - ولمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه نحوه.
92 - وللحاكم عن أبي سعيد مرفوعاً ((إذا جاء أحدكم الشيطان فقال: إنك أحدثت. فليقل: كذبت)) وأخرجه ابن حبان بلفظ ((فليقل في نفسه)).
الشرح:
هذا الحديث ذكر له الحافظ طرقاً وشواهد في التلخيص، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رجاله رجال الصحيح.
والشيطان لا شك أنه عدو مبين وأنه يوسوس للمؤمن في كل شيء، فكثيراً ما يحصل الوسواس في الطهارة، في الحدث والوضوء والغُسل ونحو ذلك.
فالمقصود أن النبي e أعطانا قاعدة عظيمة فمن أخذ بهذه القاعدة استراح من هذه الوساوس الكثيرة، ففي حديث عبدالله بن زيد رضي الله عنه قال ? ((إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) فهذا الحديث يدل على أنه لا يُحكم بنقض الوضوء إلا إذا تيقن بالصوت أو بالريح، وإذا تيقن بغير ذلك انتقض، فهذا فيمن شك وأشكل عليه. أما من تيقن الحدث فلا حاجة أن يسمع الصوت أو يجد الريح.
وهذا ليس خاصاً بالصلاة فبعض الروايات دلت على العموم ((إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل أخرج منه شيء أم لا فلا يخرجن من المسجد)) قد يكون في صلاة وقد لا يكون في صلاة.
وأيضاً فليس خاصاً بالمسجد فإن الحكم عام فالوساوس والشكوك مطرحة ولا يعمل بها والأصل أن الإنسان على طهارة حتى يتيقن الحدث.
وهذا من فضل الله ورحمته وتيسيره فإنه جل وعلا وضع عن عباده هذه الشكوك والوساوس لأنها إذا تمادت بالعبد شقت عليه مشقة عظيمة ولذلك يقول ? ((إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه)) رواه البخاري.
فالذي يشاد الدين هو الذي يتكلف ويشدد على نفسه فإنه سيُغلب مهما فعل، فإن الأمر سيزداد عليه فلا يستطيع أن يستمر على ذلك، ولذلك تجد بعض الموسوسين كما ذكر ابن قدامة رحمه الله في كتابه ذم الموسوسين يعيد تكبيرة الإحرام مائة مرة كلما بدأها شككه الشيطان أنه ما قال فيعيد، وذكر أشياء من أحوالهم.
فالواجب على المؤمن أن يقبل رخصة الله عز وجل ويحمد الله على ذلك ومن شدَّدْ شدَّدَ الله عليه.
باب قضاء الحاجة
93 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله e إذا دخل الخلاء وضع خاتمه. أخرجه الأربعة وهو معلول.
الشرح:
علة هذا الحديث أنه أخطأ فيه همام رواه عن ابن جريج وابن جريج رواه عن شعبة بالعنعنة وابن جريج مدلس ولم يسمعه من شعبة، والصواب ما جاء عن الزهري في الروايات الأخر متصلاً وهو أن النبي e اتخذ خاتماً ثم طرحه، وجاء في رواية أخرى أنه اتخذ خاتماً من ذهب ثم طرحه، اتخذ خاتماً من ذهب في أول الأمر ثم صعد على المنبر وأخذه بيده وقال: أيها الناس إني كنت ألبس هذا الخاتم وأجعل فصه من داخل ثم طرحه وقال والله لا ألبسه أبداً. متفق عليه.
فكأن همام التبس عليه هذا الحديث فظن أنه عند دخول الخلاء، والصواب أنه لبس الخاتم ثم طرحه فهذه علته عند أهل العلم. قال أبو داود رحمه الله: هذا حديث منكر، وقال النسائي رحمه الله: غير محفوظ.
والحديث وإن كان ضعيفاً فالمشهور عند أهل العلم أنه لا ينبغي للإنسان أن يدخل الخلاء بشيء فيه ذكر الله عز وجل تعظيما ً له سبحانه.
ولكن إذا كان ذلك لحاجة أو ضرورة فلا بأس، كمن كان معه أوراق يشق عليه إخراجها كلما دخل فهذه حاجة، أو يخشى عليها السرقة فهذه ضرورة، فلا بأس أن يدخل بها، ومما يخفف ذلك أنها مستورة في ثيابه.
وأما المصحف فلا يدخل فيه إلا لضرورة، كما لو خاف عليه أن يُسرق لما له من الحرمة العظيمة.
مسألة: ما حكم دخول الخلاء بشريط قد سُجِّل فيه قرآن أو ذكر الله، وكذلك الكلام في الخلاء؟.
الجواب: دخول الخلاء بالشريط لا يضر لأنه ليس فيه كتابة، والعبرة بوجود الكتابة، وكذلك الكلام لا بأس به إذا كان في غير ذكر الله عز وجل.
¥