يستحب لمن أراد قضاء الحاجة أن يغيِّب بدنه كله لحديث المغيرة هذا، وإن رؤي بعضُ الجسد مع ستر العورة فلا بأس، لما ثبت في الصحيحين أن النبي e بال وحذيفة وراءه، قال حذيفة: كنت أتماشى أنا والنبي e فأتى سباطة قوم فقام كما يقوم أحدكم فبال فانتبذت منه فدعاني فجئت فقمت عند عقبه حتى فرغ. فستر العورة واجب والاستتار بجميع البدن مستحب، إلا إذا كان الإنسان يتغوط فإنه لا ينبغي أن يتغوط قريباً من شخص لأنه سيجد منه رائحة كريهة، ولا ينبغي للإنسان أن يوجد منه شيء كريه يتقذر الناس منه.
97 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله e (( اتقوا اللعانين: الذي يتخلى في طريق أو ظلهم)) رواه مسلم.
98 - وزاد أبو داود، عن معاذ رضي الله عنه ((والموارد)) ولفظه ((اتقوا الملاعن الثلاثة: البَراز في الموارد وقارعة الطريق والظل)).
99 - ولأحمد عن ابن عباس ((أو نقع ماء)) وفيهما ضعف.
100 - وأخرج الطبراني النهي عن قضاء الحاجة تحت الأشجار المثمرة وضفة النهر الجاري. من حديث ابن عمر بسند ضعيف.
الشرح:
أما الحديث الأول ((اتقوا اللعانين)) قالوا: وما اللعانان يا رسول الله؟. قال ((الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم)) فهذا متفق على صحته. فالنبي e بيَّن أن هذا سبب للعن فيجب على المؤمن أن يحذره، لأن الناس إذا رأوا هذا الأذى فإنهم سيلعنونه لأنه قد آذاهم في أماكنهم التي ينتفعون بها إما في الطرقات أو في الظل تحت الأشجار أو في أماكن الجلوس في الشمس في الشتاء أو تحت الأشجار المثمرة أو في ضفة الأنهار أو في الموارد أو ما شابه ذلك مما ينتفع به الناس، فكل ما ينتفع به الناس فإنه يحرم قضاء الحاجة فيه، وإن كانت هذه الأحاديث فيها ضعف لكن هذا معلوم من العلة.
وهل يجوز لمن وجد هذا الشيء أن يلعن من فعله؟.
هذا محتمل فقد روى الطبراني عن حذيفة بن أَسِيْد رضي الله عنه وحسنه المنذري قال e (( من آذى المسلمين في طرقاتهم وجبت عليه لعنتهم)) يعني تحل عليه اللعنة. والنبي e يقول كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند أبي داود ((وإنه من لعن شيئاً ليس لها بأهل إلا رجعت عليه)) فمن لعن الذي قضى حاجته في الطريق ونحوه فإنه يَسْلَم ولا ترجع عليه لأنه يستحق اللعن قال e (( من آذى المسلمين في طرقاتهم وجبت عليه لعنتهم)) فهذا يدل على أنه فَعَل كبيرة من الكبائر وهو مستحق للعن.
والأحوط أن لا يُلعن، لكن لو لُعن فإنه لا يُنكر على اللاعن لأنه لعن من يستحق اللعن.
وحديث معاذ رضي الله فيه ضعف، لأن الراوي عن معاذ لم يسمع منه وهو أيضاً مجهول فالحديث ضعيف، ولكن يشهد له حديث أبي هريرة رضي الله عنه في صحيح مسلم قال e (( لا تبل في الماء الدائم الذي لا يجري ثم تغتسل منه)) والبول محرم سواء اغتسل أو لم يغتسل، فهذا الماء الدائم هو الموارد التي يردها الناس يشربون منها ويسقون بهائمهم.
101 - وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله e (( إذا تغوط الرجلان فليتوار كل واحد منهما عن صاحبه ولا يتحدثا فإن الله يمقت على ذلك)) رواه أحمد وصححه ابن السكن وابن القطان وهو معلول.
الشرح:
هذا الحديث من رواية عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير، وعكرمة وإن كان ثقة ولكن روايته عن يحيى خاصة فيها ضعف، نص على ذلك الإمام أحمد والبخاري والنسائي رحمهم الله، وفيه علة أخرى وهي جهالة هلال بن عياض أحد رواته.
وما جاء في الحديث من التحدث حال كشف العورة فتحريمه معلوم من النصوص الأخرى.
وبعض الفقهاء أخذ من هذا الحديث كراهة التحدث أثناء قضاء الحاجة وهذا لا يصح لأمرين:
الأول: ضعف الحديث كما تقدم.
الثاني: أن الذي نص الحديث على تحريمه ليس هو الكلام فقط، وإنما هو التحدث حال كشف العورة.
ويقال أيضاً: إن الحديث فيه التحريم المؤكد ((إن الله يمقت على ذلك))، فأين الكراهة من هذا.
وخلاصة القول: أن الحديث أثناء قضاء الحاجة لا دليل على تحريمه ولا كراهته، والأصل الإباحة.
102 - وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله e (( لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ولا يتمسح من الخلاء بيمينه ولا يتنفس في الإناء)) متفق عليه واللفظ لمسلم.
الشرح:
¥