هذا الحديث وإن كان ضعيفاً ولكن حفظ العورة دلت على وجوبه العمومات، فمنها حديث أبي سعيد رضي الله عنه في صحيح مسلم قال e (( لا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد)) يعني أن يجتمع رجل وآخر في ثوب واحد وليس بين عورتيهما ستر.
وكذلك حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر قال e (( احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك)) قال قلت: يا رسول الله إذا كان القوم بعضهم في بعض. قال ((إن استطعت أن لا يريَنَّها أحد فلا يرينَّها)). قال قلت: أرأيت إن كان أحدنا خالياً؟ قال ((فالله أحق أن يستحيا منه)) رواه أبو داود. وهذا أيضاً يدل على وجوب حفظ العورة.
وكذلك في قوله تعالى (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم) ذكر المفسرون أن المراد بالآية الحفظ عن النظر وعن الفواحش.
106 - وعنها أن النبي e كان إذا خرج من الغائط قال ((غفرانك)) أخرجه الخمسة وصححه أبو حاتم والحاكم.
الشرح:
هذه السنة إذا خرج الإنسان من الخلاء أن يقول غفرانك. وغفرانك: إما أنها مصدر مثل سبحانك أو أنها مفعول به لفعل محذوف تقديره أسألك غفرانك أي أسألك المغفرة.
وللعلماء أقوال في مناسبة هذا الدعاء بعد قضاء الحاجة منهم من قال: لمَّا احتبس عن الذكر في الخلاء فإنه يستغفر من ذلك ولكن هذا فيه نظر لأن الاحتباس عن الذكر ليس ذنباً والإنسان يحتبس عن الذكر كثيراً إما غفلة أو عند الطعام ونحو ذلك، فلو كان لأجل ذلك لكان يشرع له كلما غفل عن الذكر أن يستغفر الله.
والقول الثاني: أنه لما تخفف من الأذى الدنيوي تذكر الأذى الأخروي وهو أعظم وهو ثقل الذنوب والمعاصي، فناسب أن يسال الله كما عافاه في الدنيا من هذا الأذى أن يعافيه في الآخرة من الذنوب والمعاصي.
وهذه مناسبة أقرب من الأولى والشيء بالشيء يذكر كما أن الإنسان إذا تطهر شُرع له أن يتشهد، فلما طهر ظاهره بالماء شُرع له أن يطهر باطنه بالشهادة وتجديد التوحيد يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
مسألة: إذا كان الإنسان في الصحراء متى يقول دعاء دخول الخلاء؟.
الجواب: في حديث أنس رضي الله عنه ((إذا دخل أحدكم الخلاء)) هذا يدل على أنه إذا دخل المكان المعد مثل الحمامات والحشوش وما شابه ذلك. وجاءت رواية ذكرها الحافظ في الفتح ((إذا أتى أحدكم الغائط)) والإتيان أعم فإذا أتى هذا المكان المنخفض الذي يريد أن يقضي حاجته فيه قبل أن يرفع ثوبه يقول هذا الدعاء بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث.
107 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: أتى النبي e الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار فوجدت حجرين ولم أجد ثالثاً فأخذهما وألقى الروثة وقال ((هذا رجس – أو ركس)) أخرجه البخاري. وزاد أحمد والدارقطني ((ائتني بغيرها)).
الشرح:
تقدم الكلام على هذا الحديث في شرح الحديث رقم (103).
108 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله e نهى أن نستنجي بعظم أو روث وقال ((إنهما لا يطهِّران)). رواه الدارقطني وصححه.
الشرح:
الاستنجاء بالعظام والروث لا يجوز، لأنها لا تخلو من أحد حالين إما أن يكون العظم عظماً لما يؤكل لحمه وقد ذُكي فإن هذا طعام الجن، كما ثبت في صحيح مسلم أن النبي e أتى الجن وأنه قرأ عليهم القرآن فسألوه الزاد فقال e (( لكم كل عظم ذُكر عليه اسم الله تجدونه أوفر ما يكون لحماً ولكم كل بعرة علف لدوابكم)) فنهى النبي e عن الاستنجاء بالعظام والروث وقال إنها طعام إخوانكم من الجن، وفي رواية ((زاد إخوانكم من الجن)) فعظام المذكاة المأكولة طعام الجن فهي محترمة ولا يجوز إفسادها، وكذلك الروث إذا كان روث ما يؤكل لحمه فهو طعام دواب الجن، فلا يجوز الاستنجاء به.
وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه عند أبي داود أن الجن أتوا النبي e فقالوا: يا محمد إنْهَ أمتك أن يستنجوا بعظم أو روثة أو حممة فإن الله جعل لنا فيها رزقاً. والحممة هي الفحم، فهذا أيضاً لا يجوز الاستنجاء به وهذا كله من أجل الجن.
¥