وأما إذا كان العظم عظم ميتة أو عظم محرم الأكل كالحمار فإنه نجس خبيث لا يطهر، وكذلك الروث إذا كان روث ما لا يؤكل لحمه كالحمار فإنه نجس ولا يطهر، فالخبيث لا يزيد إلا خبثاً، ولذلك قال ((إنهما لا يطهِّران)).وحتى المأكول إذا كان رطباً فإنه أيضاً لا يطهر.
والخلاصة أن علة النهي أنه لا يطهر وأنه طعام الجن فيعُلل بما جاء في مجموع الروايات.
مسألة: هل هناك فرق بين القبل والدبر في عدد المسحات؟.
الجواب: لا فرق، فلا بد من ثلاثة أحجار أو ثلاث مسحات للقبل وثلاث للدبر لعموم الحديث.
109 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله e (( استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه)) رواه الدارقطني.
110 - وللحاكم ((أكثر عذاب القبر من البول)) وهو صحيح الإسناد.
الشرح:
وله شاهد أيضاً من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند الحاكم بسند حسن حسنه الحافظ رحمه الله، وكذلك يشهد له حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين في اللذين يعذبان في قبورهما قال e (( أما إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير بلى إنه كبير أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة)). فهذا يدل على أن البول من أسباب عذاب القبر والمراد من قوله ((لا يستتر من بوله)) يعني أنه لا يتقي رشاش البول ولا ينظف ثيابه من البول، وهذا يدل على نجاسة البول وأنه يجب التحرز منه.
وورد في بعض الأحاديث أن النبي e كان يرتاد لبوله موضعاً رخواً، لكن الحديث فيه ضعف رواه أبو داود وسنده فيه راوٍ مجهول، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما يؤيده.
وجاءت أحاديث بأن النبي e أمر من أراد البول أن يتوخى الريح أن تهب إليه. وهذه الأحاديث وإن كان فيها ضعف، ولكن معناها صحيح، فما دام أن البول من أسباب عذاب القبر فإنه يجب التحرز منه، وإذا أصاب ثيابه شيء منه فإنه يجب عليه أن يغسله.
أما إذا شك هل رجع عليه البول أم لا، فينظر في ملابسه فإذا لم ير شيئاً فالأصل الطهارة، ولا يجب عليه الغسل، وإذا رأى شيئاً بيِّناً غسله.
111 - وعن سراقة بن مالك رضي الله عنه قال: علمنا رسول الله e في الخلاء أن نقعد على اليسرى وننصب اليمنى. رواه البيهقي بسند ضعيف.
الشرح:
هذا الحديث ضعيف، في سنده من لا يُعرف، وهذا العمل فيه عسر ومشقة، فيقعد الإنسان على ما يتيسر له.
112 - وعن عيسى بن يزداد عن أبيه رضي الله عنهما قال: قال رسول الله e
(( إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاث مرات)) رواه ابن ماجه بسند ضعيف.
الشرح:
عيسى هذا وأبوه مجهولان، فالحديث ضعيف وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: إن النتر بدعة ويزيد خروج البول، فالذكر كالضرع إن حلبته درَّ وإن تركته قرَّ.
وبعض الفقهاء لهم تكلفات في هذا، كلها لا حاجة إليها، بعضهم يقول: يتنحنح، وبعضهم يقول: يمسح الذكر من أصله أي من عند حلقة الدبر إلى أعلى الذكر، وبعضهم قال: يصعد درجات وينزل من أجل أن يخرج الباقي.
وكل هذا من التكلف والتعسف وهو في الواقع مضر لأنه يدر البول، فالإنسان يكون على طبيعته يبول وإذا انتهى فلا يعجل حتى ينتهي بوله ثم يستنجي.
والسنة أن ينضح سراويله كما في حديث الحكم بن سفيان رضي الله عنه عند أبي داود وغيره أن النبي e كان إذا بال أخذ حفنة من ماء ونضح بها فرجه.
وفائدة النضح أنه لو شك في خروج شيء من البول وأحس ببلل فإنه يحمله على هذا الماء الذي نضحه، إلا إذا تيقن خروج البول فإنه يستنجي ويغسل ثيابه ويتوضأ. ولا ينبغي له أن يفتح على نفسه باب الوسواس لئلا يقع في الحرج.
والواقع أن الإنسان إذا أهمل هذا وتركه ولم يلتفت إليه فإنه ينقطع، وأما إذا تتبعه وصار يهتم به وصار يفعل ما ذكره الفقهاء من النتر وما شابهه ويشدد على نفسه، فالغالب أنه يتمادى معه البول.
ولذا فإن كثيراً من الناس يسأل عن هذه القطرات التي تنزل بعد البول فيقال: الأصل السلامة إلا إذا تيقن يقيناً فإنه هنا يجب عليه أن يستنجي وأن يغسل ما أصابه البول من ثيابه ويتوضأ، وإذا كان في صلاة قطعها، ولكن لا يفتح على نفسه باب الوسواس.
¥