تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واختلف العلماء في الكافر إذا أسلم هل يجب عليه الغسل أم لا؟. فمذهب الإمام أحمد أنه يجب عليه الغُسل، واستدلوا بحديث قيس بن عاصم رضي الله عنه في سنن أبي داود أن النبي e أمره أن يغتسل بماء وسدر والحديث صحيح.

وذهب الشافعي وغيره إلى عدم الوجوب وأن الغسل سنة، واستدلوا بأن النبي e لم يأمر الذين أسلموا يوم الفتح بالغسل وكانوا عدداً غفيراً، ولو كان الغُسل واجباً لأمرهم بذلك ولو أمرهم به لاشتُهر ونُقل، فلما لم ينقل عُلم أنه لم يأمرهم به فدل هذا على أنه ليس على سبيل الوجوب، فهذا يكون قرينة تصرف الأمر الذي في حديث قيس من الوجوب إلى الاستحباب لأنه لو كان واجباً لأمرهم به واشتهر ذلك ونُقل، لكنه لما لم ينقل دل على أنه ليس على سبيل الوجوب. وهذا القول أقرب وهو مذهب الشافعي رحمه الله.

وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى التفصيل فقال: إن كان الكافر ممن يغتسل من الجنابة فإنه يستحب له، وإن كان هذا الكافر ممن لا يغتسل من الجنابة في حال كفره فإنه يجب عليه، لأنه يكون عليه جنابة.

لكن هذا التفصيل ليس بظاهر وليس عليه دليل فالغالب أن الكفار لا يغتسلون من الجنابة، والنبي e ما فصَّل، ما قال من كان لا يغتسل من الجنابة فليغتسل، فهذا تفصيل ليس عليه دليل.

فأقرب الأقوال أنه يستحب للكافر إذا أسلم أن يغتسل ولا يجب عليه.

122 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله e قال ((غُسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم)) أخرجه السبعة.

123 - وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله e (( من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل)) رواه الخمسة وحسنه الترمذي.

الشرح:

الحديث الأول فيه الأمر بالغُسل للجمعة وهذا محل خلاف بين أهل العلم فمن يرى الوجوب يستدل بحديث أبي سعيد وهو صريح في الوجوب ((غُسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم وسواك ويمس من الطيب ما قدر عليه)).

والقول الثاني: أن غسل الجمعة مستحب إلا من كان فيه روائح كريهة فإنه يجب عليه، لأن النبي e لما وجد الروائح الكريهة من المصلين في المسجد أمرهم بالغسل كما ثبت في الصحيحين. وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو الذي تجتمع عليه النصوص، فإنه في حديث أبي سعيد رضي الله عنه أمر بالغُسل، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه في صحيح مسلم قال e (( من توضأ ثم أتى الجمعة فصلى ما كُتب له ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته ثم يصلي معه غُفر له ما بين الجمعة والتي تليها وفضل ثلاثة أيام)) فهذا صريح في عدم الوجوب.

ولو ذكر المؤلف حديث أبي هريرة رضي الله عنه هذا لكان أولى، لأنه أصح من حديث سمرة رضي الله عنه، وحديث سمرة من رواية الحسن عن سمرة وفيه الخلاف المشهور والذي ثبت سماع الحسن من سمرة حديث العقيقة. فقد سئل الحسن رحمه الله فقيل له: ممن سمعت حديث العقيقة قال: من سمرة. وأما ما عداه فهو محل خلاف بين أهل العلم، والحسن مدلِّس فإذا قال: عن سمرة فإنه يحتمل السماع وعدمه، والمدلِّس إذا عنعن فإنه لا يقبل حديثه حتى يصرِّح بالسماع.

ولكن بعض العلماء قال: إن حديثه عن سمرة يُنظر فيه فإذا كان مستقيماً تشهد له النصوص قُبل وإن كان فيه شذوذ أو نكارة فإنه يرد. وحديثه هذا تشهد له النصوص، يشهد له حديث أبي هريرة في صحيح مسلم فالمعول عليه في هذا ((من توضأ ثم أتى الجمعة)) فلو كان الغسل واجباً ما اقتصر النبي e على الوضوء، فالنبي e أقرَّ المتوضئ قال ((من توضأ ثم أتى الجمعة)).

وذكر النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم أن الغسل ليس بواجب وأن هذا الحديث صارف للأمر عن الوجوب إلى الاستحباب.

ومما يؤيد هذا أن النبي e جمع مع الغُسل السواك والطيب ولم يقل أحد من أهل العلم بوجوب السواك والطيب، وظاهر الحديث يدل على الوجوب لأنه قال ((غُسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم)) المحتلم هنا البالغ ((وسواك)) فالنبي e جمع مع الغسل السواك والطيب فقال ((وسواك ويمس من الطيب ما قدر عليه)) ولا يعرف قائل بوجوب الطيب والسواك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير