ومنهم من أجاب على هذا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما عند البخاري لما ذكروا أن النبي ? قال ((اغتسلوا يوم الجمعة واغسلوا رؤوسكم وإن لم تكونوا جنباً)) فقال ابن عباس رضي الله عنهما: أما الغسل فنعم وأما الطيب فلا أدري.
فيقال: عدم علم ابن عباس بأمر النبي e بالطيب لا ينفي علم غيره فأبو سعيد رضي الله عنه علمه، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، فأبو سعيد روى الوجوب في الغسل والسواك والطيب. فمن قال: إن الغسل واجب واستدل بحديث أبي سعيد يلزمه أن يقول أيضاً بوجوب السواك والطيب، وهذا لا قائل به.
فأقوى هذه الأقوال وأرجحها هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: من كان فيه روائح كريهة لقدم عهده بالغُسل فإنه يجب عليه، لأن النبي e لما وجد الروائح أمرهم بالغسل، ولأن الإنسان يجب عليه أن يدفع ضرره عن الآخرين ((لا ضرر ولا ضرار)) والروائح الكريهة يتأذى بها الناس.
والنبي e نهى من أكل الثوم والبصل عن إتيان المسجد فيقال: من كان له رائحة كريهة وجب عليه الغُسل، ومن لم يكن له فالغُسل مستحب، ولا ينبغي له أن يدعه خروجاً من خلاف أهل العلم. وهذا هو الصحيح وهو الذي تجتمع عليه النصوص.
مسألة: من فاتته الجمعة فهل يشرع له الغُسل أم لا؟ وكذلك من ليس عليه جمعة كالنساء والمريض؟.
الجواب: لا يشرع للنساء ومن فاتته الجمعة والمريض الغُسل، لأن الحكمة منه لئلا يوجد من رائحة كريهة في هذه الصلاة لأنها تكون وقت الزوال في شدة الحر، ولذلك يوم العيد لا يشرع له الغسل لأنه يكون في أول النهار قبل شدة الحر، والغالب أنها لا توجد منه الرائحة الكريهة، والأحاديث التي جاءت في غسل العيد ضعيفة.
124 - وعن علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله e يقرئنا القرآن ما لم يكن جنباً. رواه الخمسة وهذا لفظ الترمذي وحسنه، وصححه ابن حبان.
الشرح:
كذلك حسنه الحاكم ووافقه الذهبي. وهذا الحديث له علة لأنه من رواية عبدالله بن سلمة وهذا كان قد اختلط والذي روى عنه عمرو بن مرة يقول: كان عبدالله بن سلمة يحدثنا فنعرف منه وننكر. ووهَّن الإمام أحمد رحمه الله شأن عبدالله بن سلمة لأنه كان قد اختلط.
ولكن هذه العلة مجبورة بمتابعة أبي الغَرِيْف عند الإمام أحمد وأبو الغريف ذكره ابن حبان في الثقات ولا يُعرف له جرح، فيكون شاهداً ومقوياً لطريق عبدالله بن سلمة فإذا انضم هذا إلى هذا أعطي الحديث قوة، ولذلك حسنه من حسنه من أهل العلم. فالحديث فيه ضعف لكنه بهذا الشاهد يكون حسناً لغيره.
وحديث علي رضي الله عنه الذي رواه الإمام أحمد أصرح في التحريم من رواية الترمذي فإن أبا الغريف روى عن علي رضي الله عنه أنه أُتي بوَضوء فتوضأ ثم قال: هكذا رأيت النبي e توضأ ثم قرأ شيئاً من القرآن ثم قال ((هذا لمن لم يكن جنباً أما الجنب فلا ولا آية)) يعني لا يقرأ ولا آية، فهذا صريح في نهي الجنب عن قراءة القرآن.
وبعض العلماء يرى أنه لا بأس أن يقرأ الجنب القرآن، وصح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه لا يحرم على الجنب أن يقرأ القرآن.
لكنَّ هذه الأحاديث بمجموعها تكون حجة في نهي الجنب عن قراءة القرآن.
وأما ما يقصد به الذكر ويوافق القرآن فلا بأس، مثل لو قال: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، يقصد الدعاء، أو قال: ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً، ولم يقصد التلاوة وإنما قصد الدعاء فلا بأس والأعمال بالنيات ولا يعد تالياً للقرآن.
وكذلك لو قرأ بعض آية فلا بأس، فلو استدل ببعض آية فلا بأس لقوله e (( أما الجنب فلا ولا آية)).
125 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله e (( إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءاً)) رواه مسلم.
126 - زاد الحاكم ((فإنه أنشط للعود)).
الشرح:
إذا جامع الرجل أهله ثم أراد أن يعود أي يجامع مرة أخرى فإن السنة أن يتوضأ وضوءه للصلاة، وبيَّن النبي e الحكمة فقال ((فإنه أنشط للعود)) أخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
127 - وللأربعة عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله e ينام وهو جنب من غير أن يمس ماءً وهو معلول.
الشرح:
¥