تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قيل إنه أخطأ فيه أبو إسحاق ولم يسمعه من الأسود، ذكر هذا جمع من أهل العلم منهم الإمام أحمد وأبو داود. وقد صححه البيهقي وقال: إن أبا إسحاق سمعه من الأسود.

والأصل في الحديث الصحة، وأبو إسحاق ثقة وكونه أخطأ فيه هذا محل نظر، والأصل أن الراوي الثقة يقبل حديثه وليس هناك ما يدل على هذا الخطأ.

فالسنة أن يتوضأ، وهذا الحديث يدل على أن الأمر بالوضوء لمن أراد النوم ليس على سبيل الوجوب لأنه ثبت في الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه ذكر للنبي e أنه تصيبه الجنابة من الليل فقال e (( اغسل ذكرك وتوضأ ثم نم)) هذا فيه أمر والأصل في الأمر الوجوب.

ولكن حديث عائشة رضي الله عنها هذا يدل على أن الأمر للاستحباب وأنه لو نام جنباً ولم يمس ماءً فإنه ليس بآثم، ولكنه يُحْرَم من قربان الملائكة، كما في حديث عمار رضي الله عنه في سنن أبي داود قال e (( ثلاثة لا تقربهم الملائكة: جيفة الكافر والجنب حتى يتوضأ والمتضمخ بالزعفران – أي الذي يدهن جسده بالزعفران –)) فكون الملائكة لا تقرب الجنب في نومه هذا من باب فوات الفضل، فعدم قربان الملائكة لا يدل على أنه آثم، ولكن هذا يكون من فوات الفضيلة، لأنه ترك السنة ففاته هذا الخير.

وصح عن النبي e أنه كان إذا كسِل أن يقوم ضرب على الحائط وتيمم، فلو كان عند الإنسان تراب وكسل أن يقوم بعد الجماع ليتوضأ فلا بأس أن يتيمم ثم ينام.

والنبي e كان أحياناً يغتسل قبل النوم وأحياناً يتوضأ وأحياناً يتيمم وأحياناً ينام من غير شيء، كل ذلك كان يفعل. والأفضل أن لا ينام حتى يغتسل أو يتوضأ.

128 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله e إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يُفْرِغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر ثم حَفَنَ على رأسه ثلاث حفنات ثم أفاض على سائر جسده ثم غسل رجليه. متفق عليه، واللفظ لمسلم.

129 - ولهما من حديث ميمونة ثم أفرغ على فرجه وغسله بشماله ثم ضرب بها الأرض.

130 - وفي رواية: فمسحها بالتراب، وفي آخره: ثم أتيته بالمنديل فرده، وفيه: وجعل ينفض الماء بيده.

الشرح:

هذان الحديثان حديث عائشة وحديث ميمونة رضي الله عنهما في صفة الغُسل وهذا يسمى الغُسل المستحب أو الكامل. وأما المجزئ فهو تعميم الجسد بالماء مع المضمضة والاستنشاق.

والغُسل المستحب هو أن يفرغ الماء على يديه فيغسل كفيه، ثم يغسل فرجه بشِماله، ثم يدلك شماله بالأرض من أجل أن يزول ما علق بها من آثار غَسل الفرج، ويكفي عنه ما يقوم مقامه من صابون ونحوه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يدخل أصابعه في شعره حتى يصل الماء إلى أصول الشعر، ثم يأخذ ثلاث حفنات، في رواية كل حفنة ملء كفه وفي رواية ملء كفيه، ولعله يكون أحياناً كذا وأحياناً كذا، وفي بعض الروايات في الصحيح أيضاً أنه جعل حفنة للشق الأيمن والثانية للأيسر والثالثة على الوسط، ثم بعد ذلك يعمم سائر جسده بالماء.

وفي حديث ميمونة أنه e تنحى وغسل رجليه. فإن قيل: ما الحكمة من غَسل القدمين بعد الغُسل مع أنه قد غسل جسده كله؟. فالجواب: أن هذا ذُكر في حديث ميمونة ولم يُذكر في حديث عائشة فلعل المكان كان فيه طين أو تراب فلما فرغ من غُسله احتاج أن يزيله، فهذا يرجع إلى الحاجة، إن احتاج بعد الغُسل أن يغسل قدميه غسلهما وإلا كفى الغَسل الأول، هذا هو الغُسل المستحب.

وهل يسمي أم لا؟. كثير من أهل العلم على أنه يسمي قياساً على الوضوء، فإذا كانت التسمية مشروعة في الوضوء وهو الطهارة الصغرى، فتكون في الغُسل من باب أولى لأنه طهارة كبرى.

وهل يشترط في الغُسل أن ينوي رفع الحدث الأصغر عند الغُسل أو يكفي أن ينوي رفع الأكبر ويرتفع الحدثان؟. الصحيح أنه يكفي أن ينوي رفع الحدث الأكبر ولا يلزمه أن ينوي رفع الحدث الأصغر لأن الله تعالى يقول (وإن كنتم جُنُباً فاطَّهَروا) فالله تعالى أمر الجنب أن يتطهر إذا أراد الصلاة، فإذا تطهر بنية رفع الجنابة فإنه يكفي ويرتفع الحدثان معاً الأكبر والأصغر، وكذلك إذا اغتسل مع المضمضة والاستنشاق فإنه يكفي وإن لم يتوضأ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير