132 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله e (( إني لا أحل المسجد لحائض ولا جُنُب)) رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة.
الشرح:
هذا الحديث ضعَّفه بعض أهل العلم، وقال الإمام أحمد رحمه الله: لا بأس به. والنصوص تشهد له.
أما الجنب فقد دل القرآن على أنه لا يدخل المسجد إلا عابر سبيل، قال الله تعالى (ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) وظاهر الآية أن النهي عن الصلاة، قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنباً إلا عابري سبيل) فالظاهر أن النهي عن الصلاة، ولكن لا يمكن حمله في الجنب على الصلاة لأن الجنب لا يمكن أن يصلي حتى ولو كان عابر سبيل لأنه لا بد إما أن يغتسل أو يتيمم إذا كان مسافراً وإذا تيمم لم يبق جنباً.
فلذا حملها الجمهور على أن المراد بالصلاة موضع الصلاة (لا تقربوا الصلاة) أي موضع الصلاة وهو المسجد فيكون في هذه الآية نهي عن دخول المسجد للجنب إلا عابر سبيل، كما لو احتاج أن يمر في المسجد من جهة إلى جهة فلا حرج ولو كان جنباً.
وقد روى الترمذي حديثاً في النهي عن المرور في المسجد واتخاذه طريقاً والحديث فيه كلام، والآية تدل على ضعفه، فالله سبحانه وتعالى أباح المرور في المسجد (ولا جنباً إلا عابري سبيل) فإذا جاز للجنب أن يمر في المسجد مجتازاً فغير الجنب من باب أولى.
وأما الحائض فإن النبي e نهى عائشة رضي الله عنها لما حاضت أن تطوف بالبيت قال ((اقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت)) متفق عليه. ولما قال لها e (( ناوليني الثوب)). قالت: إني حائض. فقال e (( إن حيضتك ليست في يدك)) متفق عليه. فدل على أنها لا بأس أن تدخل يدها في المسجد وأما جسدها فلا.
فالنصوص تشهد لهذا الحديث وتؤيده، فالحائض لا يجوز لها دخول المسجد ولا المرور، والجنب يحرم عليه المكث ولا بأس بالمرور.
وبعض أهل العلم يرى أن الجنب إذا توضأ فلا بأس أن يجلس في المسجد، وكان الصحابة يفعلون ذلك.
ومنهم من يمنع من ذلك ويقول: إن ظاهر القرآن يدل على أنه لا يجلس حتى يغتسل قال تعالى (ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) ولم يقل: حتى تتوضؤوا ولكن لا يظن بالصحابة رضي الله عنهم أنهم يتواردون على فعل محرم، فما دام أن الصحابة رضي الله عنهم اشتُهر عنهم أنهم يجلسون في المسجد إذا توضؤوا وهم مجنبون فإن هذا يدل على جواز جلوس الجنب في المسجد إذا توضأ.
والوضوء يخفف الجنابة، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي ? أمر الجنب إذا أراد أن ينام أن يتوضأ، وهذا يدل على أن الوضوء له أثر في تخفيف الجنابة، وكذلك الجنب لا تقربه الملائكة إلا أن يتوضأ كما في حديث عمار رضي الله عنه عند أبي داود.
133 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله e من إناء واحد تختلف أيدينا فيه من الجنابة. متفق عليه، وزاد ابن حبان: وتلتقي.
الشرح:
وهذا يدل على أنه لا حرج على كل من الزوجين في رؤية عورة الآخر. وذكر الحافظ في الفتح أن مناسبة الحديث أن عائشة رضي الله عنها سئلت عن نظر كل واحد من الزوجين إلى عورة الآخر فذكرت هذا الحديث، والظاهر أن الزوجين إذا اغتسلا من إناء واحد أن كلاً منهما كاشف عن عورته. فهذا هو الصحيح أن الزوجين ليس بينهما عورة وأنه يجوز لكل منهما أن ينظر إلى عورة الآخر.
وأما حديث عائشة رضي الله عنها ما رأيته من رسول الله e وما رآه مني، فهو حديث ضعيف.
ومما يدل على الجواز حديث معاوية القشيري قال e (( احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك)) وقال تعالى (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين) فهذا يعم النظر وغيره.
134 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله e (( إن تحت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر وأنقوا البشر)) رواه أبو داود والترمذي وضعفاه.
135 - ولأحمد عن عائشة رضي الله عنها نحوه، وفيه راو مجهول.
الشرح:
¥