هذا وإن كان ضعيفاً، ولكن الأحاديث تدل على أنه لا بد في الغُسل من غسل الشعر، ففي حديث أم سلمة رضي الله عنها قال e (( واغمزي قرونك))، وفي حديث أسماء بنت شَكَل رضي الله عنها في غسل الجنابة والحيضة قال e (( ثم تفيض على رأسها الماء فتدلكه حتى تبلغ شؤون رأسها)) أي عظام الرأس.
وكان النبي e يحثي على رأسه ثلاث حثيات حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض الماء على جسده.
ففي الغُسل لا بد من غَسل الشعر وجوباً ولو كان الشعر كثيفاً ولا يصف البشرة التي تحته وكذلك في الحيض، فالغسل لا بد من غسل الشعر حتى يبلغ إلى شؤون الرأس.
وأما الوضوء فتخليل اللحية الكثيفة سنة وليس بواجب.
باب التيمم
136 - عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن النبي e قال ((أُعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل)) وذكر الحديث.
137 - وفي حديث حذيفة رضي الله عنه عند مسلم ((وجعلت تربتها لنا طهوراً إذا لم نجد الماء)).
138 - وعن علي عند أحمد ((وجعل التراب لي طهوراً)).
الشرح:
هذا الحديث أصله عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال e (( فُضِّلتُ على الأنبياء بست أعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب مسيرة شهر وأحلت لي الغنائم وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً وأرسلت إلى الخلق كافة وختم بي النبيون))، فقوله e (( أرسلت إلى الخلق كافة)) يدل على أنه مرسل إلى الجن أيضاً لأن هذه لفظة عامة تشمل الجن والإنس.
وجاءت الآيات والأحاديث بأن النبي e بلغهم جاؤوا واجتمعوا به كما في سورة الجن وفي آخر الأحقاف، وسمعوا القرآن وأنذروا قومهم، وجاء في صحيح مسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن داعي الجن جاء النبي e فذهب معه وتلا عليهم القرآن وسألوه الزاد ... الحديث. فهذا يدل على أنه مرسل e إلى الثقلين الجن والإنس.
وهذا الحديث يدل على أن الإنسان إذا لم يجد الماء فإنه يتيمم كما قال الله سبحانه وتعالى (وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً)، وقوله e (( وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً)) فهذا دليل على أن التيمم أنه رافع للحدث وليس مبيحاً فقط.
وهذا فيه خلاف بين أهل العلم، منهم من يقول: إن التيمم مبيح لا رافع، ومعنى مبيح أن الإنسان ما زال على حدثه، ولكن الله أذن له بالصلاة، والحدث لم يرتفع ويستدلون بأمرين:
الأمر الأول: أن الحدث لو ارتفع لما احتاج إلى استعمال الماء إذا وجده.
والأمر الثاني: حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه عند أبي داود في قصة صلاته رضي الله عنه لما أجنب وتيمم وصلى بأصحابه قال له النبي e (( يا عمرو أصليت بهم وأنت جنب)) قال: يا رسول الله ذكرت قول الله عز وجل (ولا تقتلوا أنفسكم) فخشيت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت فضحك النبي e ولم ينكر عليه. فاستدلوا بقوله e (( أصليت بأصحابك وأنت جنب)) فالنبي e صرح بأنه جنب.
والقول الثاني: أن التيمم رافع للحدث ولكنها طهارة مؤقتة، ودليل هذا القول هذا الحديث ((وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً)) فنص النبي e على أنه طهور وقال في حديث أبي ذر رضي الله عنه ((الصعيد الطيب طهور أحدكم ولو لم يجد الماء عشر سنين)) فصرح النبي e بأن الصعيد طهور.
والراجح هو القول الثاني لصراحة هذه الأدلة.
وأما الجواب على ما استدل به أصحاب القول الأول: فأما دليلهم في قولهم إنه إذا وجد الماء يجب عليه أن يغتسل أو أن يتوضأ. نقول: نعم لأن هذا الرفع مؤقت فدلت الأدلة على أنه رافع وعلى أنه مؤقت وليس بينهما تعارض، فلا يمتنع أن يكون الشيء رافعاً للحدث رفعاً مؤقتاً، فإذا وجد الماء فلا بد أن يستعمله.
¥