لا شك أن الذي أصاب السنة أفضل لأن هذا هو المطلوب وذاك قد آجره الله تعالى على تكرار العمل، لأنه كرره يعتقد أنه صحيح فلما فعل فعلاً يظنه صواباً أُجر عليه، كما لو صلى وهو محدث ناسياً فإنه مأجور على صلاته هذه، ولكن يجب عليه أن يعيد.
والقاعدة أن كل من عمل عملاً يظنه صواباً وهو معذور فإنه مأجور، فالنبي e بيَّن له أن له الأجر مرتين، مرة على صلاته الأولى ومرة على الثانية.
فلو قال إنسان أنا سأفعل هذا، إذا تيمم وصلى ووجد الماء في الوقت قال: أنا سأتوضأ وأعيد الصلاة أريد الأجر مرتين فهل هذا صحيح أم لا؟.
نقول: ليس لك الأجر مرتين بل عليك الوزر والإثم، لأنك الآن علمت الحكم وتعمدت مخالفة السنة، فيكون هذا من البدع وتأثم عليه.
145 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل (وإن كنتم مرضى أو على سفر) قال: إذا كانت بالرجل الجراحة في سبيل الله والقروح فيجنب فيخاف أن يموت إن اغتسل تيمم. رواه الدارقطني موقوفاً، ورفعه البزار وصححه ابن خزيمة.
الشرح:
وإن كان هذا الحديث ضعيفاً فإن ظاهر القرآن يدل عليه، كما في قوله تعالى بعد أن ذكر الطهارة بالماء (وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه)، فمن كان لا يستطيع استعمال الماء لمرض كقروح أو حروق ونحو ذلك فإنه يتيمم بالتراب.
وإذا كان يستطيع غسل بعض الجسد ويعجز عن البعض فَيُنْظَر، فإن كان الذي يستطيع غسله هو الأكثر غسله ومسح على الباقي ولا حاجة إلى التيمم، كما جاء في أحاديث المسح على الجبيرة وهي لا تخلو من ضعف، وقياساً على الخفين، وإن كان الذي لا يستطيع غسله هو الأكثر فإنه يغسل ما يستطيع ثم يتيمم عن الباقي، كما فعل عمرو بن العاص رضي الله عنه كما في رواية البيهقي أنه غسل مغابنه وتوضأ.
والتيمم لا يجتمع مع المسح، فالمسح هو البدل الأول عن الغَسل، والتيمم هو البدل الثاني.
مسألة: إذا كان الماء لا يكفي للطهارة فماذا يصنع؟.
الجواب: يغسل ما يستطيع ثم يتيمم عن الباقي في الوضوء والغسل، وهو داخل في قوله تعالى (فلم تجدوا ماءً) فهذا لم يجد من الماء ما يكفيه.
مسألة: إذا كان في ظَهر الإنسان لصقة ولا يستطيع إزالتها بسبب آلام في ظهره، فهل يمسح عليها عند الاغتسال من الجنابة؟.
الجواب: إذا كان محتاجاً لها يبقيها ويمسح عليها، ويكفي المرور عليها ولكن بنية المسح، أما لو مرَّ الماء على هذه اللصقة بدون نية فإن ذلك لا يكفي.
146 - وعن علي رضي الله عنه قال: انكسرت إحدى زندي فسألت النبي e فأمرني أن أمسح على الجبائر. رواه ابن ماجه بسند واهٍ جداً.
الشرح:
هذا الحديث فيه رجل كذاب، والأحاديث في المسح على الجبائر كلها ضعيفة.
ولكن لا إشكال في جواز المسح عليها لأنها أولى بالمسح من الخف، فإذا جاز المسح على الخف مع أنه يستطيع خلعه وغسل القدم فجوازه على الجبيرة التي في خلعها مشقة أو ضرر من باب أولى.
147 - وعن جابر رضي الله عنه - في الرجل الذي شج فاغتسل فمات – ((إنما يكفيه أن يتيمم ويعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده)) رواه أبو داود بسند فيه ضعف وفيه اختلاف على رواته.
الشرح:
الضعف من جهة الزبير بن خريق فإنه ضعيف، وأما بالنسبة للاختلاف على رواته فإن الزبير رواه عن عطاء عن جابر رضي الله عنه، وخالفه الأوزاعي ورواه عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما فهذا هو الاختلاف، وأيضاً فإن الأوزاعي لم يسمعه من عطاء، فالحديث فيه ضعف من جهة الزبير وفيه انقطاع من جهة الأوزاعي وفيه اختلاف من جهة أنه روي مرة عن جابر ومرة عن ابن عباس.
فالحديث يضعفه كثير من أهل العلم بسبب هذا الاختلاف وبسبب الضعف والانقطاع، ومنهم من يحسنه بمجموع هذه الطرق.
والحديث وإن كان ضعيفاً ولكن الحكم الذي دل عليه لا إشكال فيه ولا يُعلم أحد من أهل العلم قال بعدم جواز المسح على الجبيرة، فالمسح عليها ضرورة وقد قال الله تعالى (فاتقوا الله ما استطعتم) وقياس أولى على الخفين كما تقدم.
¥