وأما الجمع بين التيمم وبين المسح فإنه لا يصح، فعلى فرض صحة الحديث فإن لفظة التيمم مع المسح ضعيفة لأنها من رواية الزبير وهو ضعيف، فلا يجتمع المسح والتيمم، إما أن يتيمم إذا عدم الماء أو عجز عن استعماله بالكلية وإما أن يمسح، إذا قدر على استعمال الماء في أكثر الأعضاء وبقي شيء منها فإنه يمسح عليه ويكفي سواءً كان المحل مكشوفاً أو مستوراً.
مسألة: هل يشترط للجبيرة أن يضعها على طهارة؟.
الجواب: هذا فيه تفصيل: إن كان سيضعها باختياره ويمكنه غسل المحل من غير ضرر فإنه يتوضأ ثم يضعها قياساً على الخف.
وإن كان لا يمكنه وضعها على طهارة فلا حرج لأجل الضرورة.
وكذلك التوقيت إن كان يستطيع نزْعها بلا ضرر نَزَعها بانتهاء المدة وإلا فلا حرج.
148 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من السنة أن لا يصلي الرجل بالتيمم إلا صلاة واحدة ثم يتيمم للصلاة الأخرى. رواه الدار قطني بإسناد ضعيف جداً.
الشرح:
هذا الحديث ضعيف كما قال المؤلف رحمه الله لأنه من رواية الحسن بن عمارة وهو ضعيف.
وتقدم لنا أن الصحيح أن التيمم رافع للحدث للأدلة التي تقدمت، فإذا تيمم فإنه يصلي ما شاء من فروض ونوافل حتى يحدث أو يجد الماء، فالتيمم يقوم مقام الوضوء حتى يحدث أو يجد الماء ولو صلى أكثر من فريضة.
باب الحيض
149 - وعن عائشة رضي الله عنها أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض فقال لها رسول الله e (( إن دم الحيض دم أسود يعرف فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي)) رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم واستنكره أبو حاتم.
150 - وفي حديث أسماء بنت عميس عند أبي داود ((ولتجلس في مركن فإذا رأت صفرة فوق الماء فلتغتسل للظهر والعصر غُسلاً واحداً وتغتسل للمغرب والعشاء غُسلاً واحداً وتغتسل للفجر غُسلاً واحداً وتتوضأ فيما بين ذلك)).
الشرح:
الحديث الأول وهو قوله e (( دم الحيضة أسود يُعرَف)) وضُبِطَت أيضاً ((يُعْرِف)) بضم الياء وكسر الراء، أي له عَرْف وهو الرائحة. ولكن الأشهر ((يُعْرَف)) أي تعرفه المرأة، فهو دم أسود ثخين له رائحة كريهة يختلف عن دم العرق الذي هو دم الفساد.
والمستحاضة هي من غلب عليها الدم واستمر كل الشهر أو كله إلا يوماً أو يومين.
وفيه قول آخر: أنها هي التي تجاوزت أكثر الحيض وحددوه بخمسة عشر يوماً. ولكن هذا لا يصح ولا يثبت شيء في تحديد أقل الحيض ولا أكثره.
وأما ما يروى عن النبي e (( أليست إحداكن تمكث شطر الدهر لا تصلي)) فإن هذا الحديث لا يُعرف، قال النووي وأبو الخطاب وغيرهما: إن هذا الحديث يذكره الفقهاء ولكن لا أصل له في دواوين الإسلام، فليس هناك دليل على أقل الحيض وأنه يوم وليلة ولا على أكثر الحيض أنه خمسة عشر يوماً.
والحيض أذى كما قال الله تعالى (ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض) فإذا وُجد هذا الأذى وُجد حكمه يوماً أو خمسة أو عشرة أو أكثر ما لم يُطْبِق فإذا أطبق عُلم أنه ليس بحيض، لأن الحيض لا يستمر الشهر كله ولا أكثر الشهر، فإذا تتابع الشهر كله أو أكثره ولم ينقطع عُلم أن هذا استحاضة كما أفتى النبي e المستحاضة بذلك فقال ((إنما ذلكِ عرق)) وقال ((إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان)) فبيَّن لها أن الحيض لا يستمر فلا تدع الصلاة إلا وقت الحيض فقط.
فالمقصود أن الدم إذا أطبق على المرأة فهي مستحاضة، والمستحاضة دلت الأحاديث أن لها ثلاثة أحوال:
الأول: إذا كان لها عادة فإنها ترجع إلى عادتها، كما لو كانت تحيض ستة أيام أو سبعة من أول الشهر أو من اليوم السابع مثلاً ثم أطبق عليها الدم بعد ذلك فإنها ترجع إلى عادتها، لحديث عائشة رضي الله عنها أن أم حبيبة رضي الله عنها استفتت النبي e فقال ((إنما ذلكِ عرق فدعي الصلاة قدر الأيام التي كنتِ تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي)) متفق عليه وهذا لفظ البخاري. فقال e (( دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها)) فتجلس الأيام التي هي عادتها من أول الشهر إلى اليوم السابع أو من السابع إلى الرابع عشر، ثم بعد ذلك تغتسل وتصلي وتكون في حكم الطاهرات وتستنجي إذا أرادت الصلاة وتستثفر كما قال النبي e لحمنة قال ((أنعت لك الكرسف فإنه يُذهب الدم)). قالت: إنه أكثر من ذلك قال ((فاتخذي
¥