تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقوله e (( إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان)) المعنى أن ترك الصلاة من الشيطان، فالشيطان أوهمها أنه حيض من أجل أن تترك الصلاة، كما في قول الله عز وجل عن الخمر والميسر (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان) أي من وحيه، وليس المراد أنه هو الذي صنع الخمر والميسر.

وبعض أهل العلم حمله على ظاهره وقال: ((ركضة من ركضات الشيطان)) والركضة هي الضرب بالقدم، فالشيطان ركضها في رحمها حتى خرج هذا الدم. والأقرب هو الأول.

وقوله e (( سآمرك بأمرين أيهما فعلت أجزأ عنك من الآخر وإن قويت عليهما فأنت أعلم)) فالنبي e أمر المستحاضة بأمرين:

الأول: الغُسل، تغتسل لصلاة الفجر، وتغتسل وتجمع الظهر مع العصر، وتغتسل للمغرب والعشاء.

الثاني: الوضوء لكل صلاة، وهو وإن لم يُصَرَّح به في هذه الرواية، فقد صرح به في رواية البخاري ((وتوضئي لكل صلاة)).

والصحيح أنه لا يجب عليها الغُسل. والأحاديث التي جاءت بالأمر به مطلقة تُقيَّد برواية أبي داود ((وهذا أعجب الأمرين إليَّ))، والأمران هما الغُسل والوضوء، فدلت هذه الرواية على جواز الاقتصار على الوضوء والغُسل أفضل.

ومما يؤيد هذا أن الاستحاضة ليست حدثاً أكبر حتى يجب عليها الغُسل، وإنما يستحب لها لأجل أن يقلل من خروج الدم، فالماء لا سيما إذا كان بارداً له أثر بالغ في تقليص الأوعية وإيقاف الدم، وإيجاب الغُسل عليها في اليوم ثلاث مرات فيه حرج ومشقة. فالقول بوجوب الغُسل على المستحاضة ثلاث مرات كل يوم قول ضعيف.

ومن مسائل المستحاضة هل يجوز لزوجها أن يطأها أم لا؟.

هذا فيه خلاف، والصحيح أنه يجوز، فقد جاء في سنن أبي داود أن أم حبيبة رضي الله عنها كانت تستحاض وكانت تحت عبدالرحمن بن عوف وكان يجامعها، وكذلك روى أبو داود أن حمنة رضي الله عنها كانت تحت طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه وكان يجامعها وهي مستحاضة، وابن عباس رضي الله عنهما لما سئل عن ذلك قال: الصلاة أعظم.

154 - وعن أم عطية رضي الله عنها قالت: كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً. رواه البخاري وأبو داود واللفظ له.

الشرح:

لفظ البخاري: كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئاً، والتقييد جاء في رواية أبي داود: كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً.

والطهر يُعرف بأحد أمرين: إما بالقَصَّة البيضاء وهو سائل أبيض يخرج من الرحم بعد انقضاء الحيض. ومن لم يكن معها هذا فإن الطهر يُعرف بالجفاف بأن تحشو قطناً في فرجها فيخرج نقياً ليس فيه أثر الدم.

فالتي من عادتها أن ترى القصة فإنها لا تعجل حتى تراها لقول عائشة رضي الله عنها، كما في الموطأ أن النساء كن يبعثن إلى عائشة رضي الله عنها بالدَّرَجة فيها الكُرْسُف فيه الصفرة من دم الحيضة يسألنها عن الصلاة، فتقول لهن: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء، تريد بذلك الطهر من الحيضة.

والدَّرَجَة جمع دَرَج وهو إناء صغير تضع فيه المرأة الخفيف من متاعها، والكرسف هو القطن.

فإذا حصل الطهر ثم جاءت الكدرة أو الصفرة، الصفرة سائل لونه أصفر والكدرة لونه بني وليس بأحمر، فهذه الكدرة ليست دماً خالصاً فيكون حيضاً وليست نقاءً، فهي وسط بين الأمرين فلا تكون حيضاً إلا بمرجح، فإذا كانت مع الدم قبل الطهر فإنها حيض لأنه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، وأما إذا طهرت وجاءت الكدرة بعد ذلك فإنها لا تكون حيضاً بل حدثاً أصغر.

مسألة: ما حكم الكدرة والصفرة إذا كانت قبل الحيض؟.

الجواب: بعض العلماء يرى أنه إذا كان معها علامات الحيض من الألم ونحوه وما شابه ذلك وكانت في وقت الحيض فإنها تعطى حكم الحيض لأنها من مقدماته.

والقول الثاني: أنها لا تُعد حيضاً، فما دام أن دم الحيض لم يأت فهذه ليست بشيء، وهذا أرجح، لأن الأصل عدم وجود الدم والله سبحانه وتعالى علَّق الحكم بوجود الدم قال تعالى (ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى) وهذه الكدرة ليست دماً وهي تثبت تبعاً، ولكن الآن ليس هناك دم حتى نلحق به هذه الكدرة.

وأيضاً فقد تأتي الكدرة ولا يأتي بعدها الدم، وقد تبقى أياماً قبل مجيء الدم وهذا القول أريح للمرأة وأضبط.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير